قال أبو عمرو: وأنشدني أبو الحسن من شعره: (بسيط)
العيس تكحل كي يحتد ناظرها ... وعين قلبك بالأنوار تكتحل
النفس ناظرها والقلب إثمدها ... والعين ميل, فنعم العين والكحل
فغذها بحلال واحم ناظرها ... من الحرام, فمنه يحدث السبل
قال أبو عمرو: وحدثني أبو الحسن المذكور أنه كان حضر يوما بمالقة, سنة إحدى وستين وخمسمائة, مع الأديب الكاتب أبي بكر الكتندي عند بعض الأكابر, وبين أيدينا لوح ومحبرة. قال أبو الحسن: فأخذت اللوح والقلم, وكتبت فيه: (كامل)
يا ذا الذي جمع المحاسن كلها
فجاوبه أبو بكر الكتندي, وزاد عليه: =وحوى جميع العالمين أقلها فقلت أنا:
الدهر إن قابلته متبسما
فزاد أبو بكر =أبكيت كثر الحادثات وقلها فقلت أنا:
والسيف يفخر أن تمس رياسه
فقال أبو بكر: =وترد شفرته الصقيلة سلها فقال أبو الحسن: ثم جاء الإذن من الطالب الذي يستكتبه, ونهض رحمه الله. قال أبو الحسن: فبقيت الأبيات في حفظي على أن دخلت مدينة توزر, فلقيت فيها فتى من أهل بلنسية اسمه محمد الجمحي, ويعرف بابن الشواش, وكان عاقلا أديبا ظريفا, فوقع ذكر الشعراء وأهل البلاغة, فذكرت له الكتندي وما جرى بيني وبينه, فعرفه وأثنى عليه واستحسن الأبيات. فلما كان بالغد أخرج على الأبيات الثلاثة, وقد ذيل عليها أربعة أبيات, وهي هذه: (كامل)