للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بارق الإقبال لمع. كلا والله إنها لمكرمة مهدية, أهدتها نفس سنية, وهمة علية. إن قلت: الوشي الصنعاني فقد نقصتها, أو الديباج الخسرواني فقد بخستها. بل والله أرتني زهر الربيع في غير أوانه, وحسن الصنيع على عدمه في أهل زمانه, ولمحت منه عقد لآلي, يبقى على آخر الليالي, فقلدت ما قلد الأوحد نظما ونثرا, والأمجد علما وفخرا.

وفي فصل منها: وجوزيت أفضل ما جوزي حر شريف المحتد, صحيح المعتقد, كريم المصدر والمورد, عمن تكنفه بك شوائب النسب, ويجمع شمله معك شمائل العصب. وقد اعتقدت ما به أشرت, وإياه اعتمدت, إذ لاح لي في أفق النقلة صباح, واستقل بي في طرق الرحلة جناح. وكم ولت سالمة النوائب بانقباضي, ومداراة الدنيا بتركي لغراضها وإعراضي, فإذا الانقباض حصلني في جملة القبض, والترك للأغراض قد جعلني للنوب كالغرض, ولا سلاح إلا الدعاء على الله تعالى في الصلاح, ولا نجاح إلا التمني لمن يقر ما عليك جناح.

وفي فصل منها أستغفر (الله) فقد حمي صدري حتى على مرجله, وضاق مجال فكري حتى اتسع في الشكوى مقوله. ولو أني سلمت لمواقع الأقدار, وعلمت أنه ليس على القدر اختيار, ورضيت بما يأتي به الليل والنهار, وتيقنت أن خلق الزمان عداوة الأحرار, لأرحت قلبا يتقلب في جمر الأسى, وأذكرت لبا قد نسي الاقتداء بالأسى.

ومن شعره:

صديقك من يرعاك في كل حالة ... وإن تدعه للخير والشر ساعدك

وليس الذي يوليك ظاهر وده ... وإن تدعه كيما يساعد باعدك

فإن ظفرت يمناك في الدهر مرة ... بعلق من الإخوان فاشدد به يدك

وله في النهد: (متقارب)

حقاق من العاج قد ركبت ... على مثل صحن من المرمر

<<  <   >  >>