فكل ذي خفض وذي رفعةٍ ... لا بد أن يغلو عليه الثرى
قال: فاستوقفته, فوقف لي: يا حسن, إن لي نفساً تحبك. ولقد كنت إلى لقائك بالأشوان. جالس العلماء وزاحمهم بركبتك, تعش بينهم محبباً. وإياك والحسد فإن الحسد أوقعني فيما. ومخرق على الناس ومخرق بهم, فإنما الدنيا مخاريق. فولى وهو يقول: [سريع]
إذا أردت الآن تكرما ... فأرسل الدينار والدرهما
وكلما أبصرت شيئاً ولم ... تسطع بأن يأتي فأرسلهما
فليس في الأرض وما فوقها ... أقضى لما أحببته منهما
وحدثني في الأديب أبو عمرو, حدثنا الحافظ أبو عبد الله بن الفخار بسند اختصرته مخافة التطويل. قال علي بن عبد الصمد الكوفي: خدمت بهلولاً عشر سنين ألتقط من نوادره وأتلفت من أشعاره, وأذب عنه من يؤذيه, ففقدته أياماً على شدة طلبي له, فوجدته يوماً, وحوله جماعة من الصبيان يرمون بالحصى, فسلمت عليه فلم يرد. إلا أنه قال: نح عني أولاد بني الطوامث, فأزلتهم عنه. ثم سألته عن حاله عن حاله. فقلت له: ما تشتهي؟ فقال: أشتهي بريد الباقل بدهن شيدج أو بدهن جوز, فصنعتها وهيأتها. ثم أدخلته مسجداً ووضعتها بين يديه. فجعل يأكل أكلا ًدلني على أنه جائع. فقلت له: أيها الأستاذ, هل أحدثت شيئاً في رقه أالشعر؟ فهم أن يضرب رأسي بالقصعة. فتركته حتى شبع, وسكن, وطابت نفسه. ثم قلت له: أيها الأستاذ ما قلت؟ قال: اكتب: [سريع]
أضمر أن أضمر حبي له ... فيشتكي إضمار إضمار
رق فلو مرت به نملة ... لخضبته بدمٍ جارٍ
فقلت: أرق من هذا. فقال: اكتب: [بسيط]
شبهته قمراً إذ مر مبتسماً ... فكاد يجرحه التشبيه إذ علما
ومر في خاطري تقبيل وجنته ... فسيلت فكرتي من عارضيه دما
فقلت: أرق من هذا. فقال: اكتب: [منسرح]