وأما "السنة" فنقتصر على دليل واحد، وهو ما رواه البخاري في الصحيح معلقاً بصيغة الجزم (١) ، ورواه أبو داود وابن ماجَهْ في السنن، وأبو بكر الإسماعيلي في المستخرج على الصحيح مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«ليكونن من أمتي قوم يستحلون الحر والحرير والخمر والمعازف» وتقرير الاستدلال من ثلاثة أوجه:
الأول: أن الحديث سيق لذم هذا الصنف من الناس الذين يتجاوزون حدود الله، ومنها هذه الأمور التي منها المعازف، وأكد ذلك باللام في صدر الكلام، وبالنون المؤكدة، ولو كان مباحاً لما ذمهم.
الثاني: أنه قال: «يستحلون» ففهم من هذا أن حرمته متقررة. والمعازف هي آلات الملاهي على اختلاف أنواعها، قاله غير واحد من أئمة اللغة: كابن منظور وصاحب القاموس.
الثالث: أن النبيَّ صلى الله عليه وسلم قَرَن المعازف بما ذكره معها وهي محرمة، فتكون المعازف مساوية لها في أصل الحكم الذي هو التحريم من (باب دلالة الاقتران) .
وأما أقوال الأئمة، فقد قال عبد الله ابن الإمام أحمد: سألت أبي عن الغناء فقال: الغناء ينبت النفاق في القلب، لا يعجبني. وأما الشافعي فقد صرح أصحابه العارفون بمذهبه أنه يقول بتحريمه. وأما الإمام مالك - لما سئل - عنه فقال: إنما يفعله عندنا الفساق. وأما الإمام أبو حنيفة فيقول مالك عنه: وأما أبو حنيفة فإنه يكرهه، ويجعله من الذنوب. قلت: والمراد بالكراهة هنا كراهة