الناشئ على خشبة المسرح الحيواني، فقد بات يؤثر سلباً على عقلية الناشئ ذاتها، فالأرنب مثلاً على المسرح تراه ضاحكًا، والذئب يتكلم بفصاحة نادرة، مع تعدد ألوان وأشكال كل منها، بما يخالف واقعها، كل ذلك جعل الناشئ ينتقل بتصوراته إلى عالم متخيّل، لا وجود له، بما يفسّر محاولة بعض الأطفال مباشرة التكلم مع بعض الحيوانات الأليفة بل ومحاورتها، ظناً منهم أنها تتكلم وتضحك كما هو حالها في المسرح، فكم تردد على مسامعنا أسئلة من بعض الناشئة عن الحيوانات الحقيقية:
* لماذا لا يتفهم هذا الحيوان فكرتي؟!
* لماذا لا يحزن لما ألمّ بي، فيبكي؟!
* لماذا لم يخبر أمي عندما وقعت أرضًا؟!
* لماذا لم يتقبّل هديتي له ... ؟!
ومثل ذلك كثيرٌ ... كثير ... !!
فلا شك بأن افتراض قدرة الحيوان على التخاطب، وحلِّ المعضلات، والتحلِّي بالمشاعر النبيلة، كلُّ ذلك كان له أثر سلبي بالغ على القدرات العقلية للطفل، ولو احتج أصحاب هذا الفن بأن وضع هذه القيم بقالب تمثيلي يؤدي دور البطولة فيه حيوانات مصطنعة، هو لافت لنظر الطفل، ومثير لانتباهه، إلا أن ذلك - من وجهة نظرنا- يسبب خللاً في تصورات الأطفال، قد يجعلهم متعلقين بها، ومترسمين خطاها لفترات مقبلة من حياتهم (١) .
(١) وإذا كانت مصاحبة الحيوان تؤثر في صاحبها وهي صامتة، كالإبل والغنم - كما في الحديث المتفق عليه: «الفخر والخيلاء في أصحاب الإبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم» -، فكيف بتأثيرها إذا قدمت له بشكل تمثيلي مُغرٍ منذ الصِّغر، يعتمد على الكذب، وسذاجة الأهداف مع فراغ في المضمون؟!