الأرض، ثم إن هذا المخلوق السامي يمر بطفولة وضّح سماتها رسولنا عليه الصلاة والسلام فقال:«كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهوّدانه وينصّرانه ويمجّسانه» . (١) فقد أودع الله فيه فطرة نقية صافية لا تشوبها شائبة، وهي فطرة التوحيد، والمشاعر النبيلة، والسلوك الحسن القويم، لذلك فقد ألقى الإسلام مسؤولية كبرى على الآباء والأمهات والمربيّن، للحفاظ على هذه الفطرة، التي بها نستشعر براءة الأطفال وحسن نياتهم، ولحمايتها من شوائب الانحراف، لتكون دائماً نقية موحّدة خيّرة، ولكن هل تحمّل هؤلاء الأمانة وأدَّوْها؟
إن الطفل يتقبل - بلا تردّد ولا تمحيص- كلَّ ما يقدَّم له من معتقدات وسلوكيات ومشاعر، فلو اتفق أنك سألت طفلاً عن سبب كونه مسلماً أو نصرانياً أو يهودياً او مجوسياً، فإنه سيجيب بتلقائية: لأن والديه كذلك، فيبقى الطفل المسلم محتفظاً - ولله الحمد - بموافقة الفطرة عند الإدراك لمعنى العقائد، وينحرف الآخرون عن فطرهم، وتجتالهم الشياطين إلى الشرك والعقائد المنحرفة.
ولكن ذلك لا يمنع من تأثر الناشئ المسلم - في خضم الحياة اليومية - بموجات من الاضطراب قد تشوّه فطرته ومشاعره وخياله، فترمي به في وادٍ فكري سحيق، ولو تتبعنا سبب تلك الاضطرابات الفكرية والسلوكية لوجدنا الفن وتوابعه من أهم الأسباب الكامنة من وراء ذلك، تؤثر في الطفل دون أن يدري، طابعة في ذاكرته الندية
(١) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: أخرجه البخاري؛ كتاب: الجنائز، باب: إذا أسلم الصبي فمات، هل يصلّى عليه، برقم (١٣٥٨) ، ومسلم كتاب القدر، باب: معنى كل مولود يولد على الفطرة، برقم (٢٦٥٨) .