للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عن المحارم وقذف المحصنات، وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئاً، وأمرنا: بالصلاة، والزكاة، والصيام ... وعدد عليه أمور الإسلام، فصدّقناه، ثم قال النجاشي لجعفر ووفده: مرحباً بكم وبمن جئتم من عنده، فأنا أشهد أنه رسول الله، وأنه الذي بشر به عيسى ولولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أُقبّل نعله (١).

فهذا الرسول الكريم هو قدوة الداعية، وإمامه الذي يسير على هديه، ويلتزم أخلاقه، وسلوكه، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - حسن السيرة والسلوك الحكيم في حياته كلها، ولم يُتّهم بشيء مما كان يعمله قومه، فقد نشأ - صلى الله عليه وسلم - في مجتمع كثرت فيه المفاسد، وعمّت فيه الرذائل: فالبغاء، والاستبضاع، والزنى الجماعي، والإفرادي، ونكاح أسبق الرجال ممن مات زوجها، والاعتداء على الأعراض والأموال والدماء، كل ذلك كان شائعاً في قومه قبل الإسلام، لا ينكره أحد، ولا تحاربه جماعة، هذا بالإضافة إلى وَأْدِ البنات، وقتل الأولاد خشية الفقر أو العار، ولعب الميسر، وشرب الخمر، أمور تُعدُّ في الجاهلية من المفاخر والتباهي، وليس من شرط أن يكون المجتمع كله يرتكب هذه الجرائم، وإنما عدم إنكارها هو دليل على الرضى بها، وهذا ما يدعو إلى انتشارها إلى جانب الأفكار الأخرى.

والنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يعمل أي عمل أو يباشر أي خُلق من هذه الأخلاق الرذيلة، بل قد اتصف بجميع مكارم الأخلاق بين قومه، فكان صادقاً

لا يعرف الكذب، أميناً لا يعرف الخيانة، وفيًّا لا يعرف الغدر، حتى كان


(١) انظر: سير أعلام النبلاء، ١/ ٥٠٥ - ٦٠٥، والرحيق المختوم، ص٩٢.

<<  <   >  >>