للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

معروفاً في مجتمعه بهذه الصفات، مُميزَّاً بها عن غيره، ولا يجهل ذلك أحد ممن عرفه، ولا يساويه في ذلك أحد من خلق الله، ولا ينكر ذلك أحد، سواء كان عدوًّا أو غيره، ولا يمكن أن يتهمه خصم، فقد بُعِثَ - صلى الله عليه وسلم - وناصَبَهُ قومه العداء، ولكن لم يستطع واحد منهم أن يتهمه بصفة غير لائقة، أو خُلق يعيبه به، ولو عرفوا شيئاً من ذلك - وقد عاش بينهم أربعين عاماً - لأراحهم من التنقيب عن خصلة غير حميدة يتهمونه بها عندما يحل الموسم، ويلتقي بالناس في الحج حتى يبعدوه عنهم فعجزوا عن ذلك، ووجدوا أن كلمة ((ساحر)) هي أنسب الصفات التي يطلقونها عليه حيث يفرق بدعوته إلى الله بين الأب وابنه، والأخ وأخيه، والرجل وزوجته، واتهموه بالجنون؛ لأنه خالف شركهم ودعا إلى عبادة الله وحده، ولم يستطيعوا أن يأتوا بأي خلق رذيل فينسبوه إليه - صلى الله عليه وسلم -، وعندما سألهم - صلى الله عليه وسلم - عن صدقه قالوا: ((ما جرّبنا عليك كذباً)) (١)، ولهذا لُقِّبَ بين قومه بـ ((محمد الأمين)) (٢).

فالصدق والأمانة من أولى الأخلاق وأحكم السلوك التي يجب على الدعاة إلى الله الاتّصاف والتخلّق بها، والصدق يكون في: القول، والنية،

والعزم، والعمل.


(١) البخاري، كتاب التفسير، باب حدثنا يوسف، برقم ٣٣، ومسلم، كتاب الأيمان، باب: {وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ}، برقم ٢٢٠،وتقدم تخريجه.
(٢) أحمد في المسند من حديث السائب بن عبد الله - رضي الله عنه -، بإسناد حسن، ٣/ ٤٢٥، قال الألباني في تخريج فقه السيرة للغزالي، وله شاهد من حديث علي - رضي الله عنه -، رواه الطيالسي بترتيب الشيخ عبد الرحمن البنا، ٢/ ٨٦.

<<  <   >  >>