للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومما يبيّن أن الإنسان يكتسب الحكمة بتوفيق الله ثم بالتزامه للسلوك الحكيم - رغبة فيما عند الله وطلباً لرضاه - ما ذُكِرَ من الأسباب التي اكتسب بها لقمان الحكمة بعد توفيق الله له وتسديده، ومن ذلك:

أنه وقف رجل على لقمان، فقال له: أنت لقمان، أنت عبد بني النحاس؟ قال: نعم، قال: فأنت راعي الغنم الأسود؟ قال: أما سوادي فظاهر، فما الذي يعجبك من أمري؟ قال: وطء الناس بساطك، وغشيهم بابك، ورضاهم بقولك. قال: يا ابن أخي إن أنت صنعت ما أقول لك كنت كذلك، قال: وما هو؟ قال لقمان: ((غَضِّي بصري، وكَفّي لساني، وعفّة طعمتي، وحفظي فرجي، وقيامي بعدتي، ووفائي بعهدي، وتكرمتي ضيفي، وحفظي جاري، وتركي ما لا يعنيني، فذاك الذي صيّرني كما ترى)) (١).

وسأله آخر عن السبب الذي بلغ به الحكمة، فقال: ((قدر الله، وأداء الأمانة، وصدق الحديث، وترك ما لا يعنيني)) (٢).

وسأله آخر، فقال: ((صدق الحديث، والصمت عما لا يعنيني)) (٣).

وهذه الأخلاق الكريمة، والسلوك الحكيم يزخر بها كتاب الله وسنة رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وليست من قول لقمان وحده، فاتضح بذلك أن الداعية إلى الله وغيره من المسلمين إذا سلك هذه المسالك اكتسب الحكمة بعون الله تعالى.


(١) البداية والنهاية لابن كثير، ٢/ ٢٢٤، وعزاه بسنده إلى ابن وهب.
(٢) البداية والنهاية، ٢/ ٢٢٤، وعزاه لابن أبي حاتم بسنده.
(٣) أخرجه ابن جرير بإسناده في تفسيره، ٢١/ ٤٤، وانظر: البداية والنهاية، ٢/ ١٢٤.

<<  <   >  >>