للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن الله سبحانه وتعالى قد تولّى حفظ كتابه الكريم بنفسه، ولم يكل ذلك إلى أحد من خلقه، فقال سبحانه: (إنّا نحن نزّلنا الذكر وإنّا له لحافظون) (١) فكان القرآن الكريم محفوظاً بحفظ الله تعالى على امتداد الأيام والسنين.

وأمّا السنة وهي المصدر الثاني من مصادر التشريع في الإسلام بعد كتاب الله تعالى، فقد سخّر الله سبحانه لها رجالاً جهابذة، وحفّاظاً عارفين، وصيارفة ناقدين على مر العصور، ينفون عنها تحريف الغالين، وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، فحرصوا على حفظها وحياطتها بسياجٍ منيعٍ من الأصول والقواعد والضوابط وأنواع التصنيفات وفنون التدوين، وعُنُوا بتمييز مقبولها من مردودها، وناسخها من منسوخها، وكل ما يتعلق بها وساعد في حفظها وصيانتها، فرحمهم الله ورضي عنهم.

وقد تنوعت اهتمامات العلماء وجهودهم في خدمة السنة وتدوينها فكثرت مجالات التصنيف فيها وتعددت فنونها، فشملت ميادين واسعة، منها ما كان متعلقاً بالتصنيف في الحديث رواية، ومنها ما كان متعلقاً بالتصنيف فيه دراية.

وقد كانت فنون التصنيف في جمع السنة رواية تعتني بعدة جوانب من حيث التقسيم والتبويب وطريقة الجمع، والتأليف.

فمنها ما كان التصنيف فيه خاصاً بالعقيدة، ومنها ما كان خاصاً بباب معين من أبواب العلم، كالزهد، والبعث والنشور وغيرها.

ومنها ما كان متعلقاً بجمع أحاديث الرقائق أو الترغيب والترهيب في تصانيف مستقلة، جمع فيها مصنفوها النصوص التي فيها إيقاظ للقلوب وتحريك للمشاعر لتندفع نحو الإخلاص لله والاتباع لشرعه، وذلك بالترغيب في فضائل الأعمال وثوابها في الجنة والنعيم المقيم، وبالترهيب من مساوئ الأعمال، وعقابها في الدار الآخرة، في النار -والعياذ بالله منها-.

وقد كان من أبرز من صنف في هذا الفن واشتهر تصنيفه بين الخلائق في


(١) سورة الحجر , آية: ٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>