للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الآفاق الإمام الحافظ زكي الدين، أبو محمد، عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري، المتوفى سنة (٦٥٦ هـ) فجمع كتابه (الترغيب والترهيب من الحديث الشريف) وهذا الكتاب من أفضل وأشهر وأجمع ما صنّف في هذا الفن، حيث حاول أن يستوعب فيه عدداً كبيراً من أحاديث الترغيب والترهيب في مختلف فنون الشريعة السمحة من عددٍ من كتب السنة المشهورة، وخاصة الكتب الستة.

ولا شك أن كتاباً حافلاً كهذا الكتاب، مع ما كان عليه مصنفه من الحفظ والإمامة، لا يخلو من شيءٍ من الخلل والقصور، وما من كتاب سوى كتاب الله تعالى كتبه مصنفه إلا وإذا نظر فيه من غدٍ عَدَّل فيه وبَدَّل. فكيف إذا كان الحافظ المنذري قد أملى كتابه هذا من حفظه، وفي ظروف حرجة، وحالة قلقة، وقد ذكر ذلك معتذراً لنفسه في آخر الكتاب فقال رحمه الله تعالى:

(وقد تمّ ما أرادنا الله به من هذا الإملاء المبارك ونستغفر الله سبحانه مما زلّ به اللسان، أو داخله ذهول، أو غلب عليه نسيان، فان كل مصنِّف مع التؤدة والتأني، وإمعان النظر وطول الفكر، قلّ أن ينفك عن شيء من ذلك، فكيف بالمملي مع ضيق وقته، وترادف همومه، واشتغال باله، وغربة وطنه، وغيبة كتبه، وقد اتفق إملاء عدة من الأبواب في أماكن كان الأليق بها أن تذكر في غيرها، وسبب ذلك عدم استحضارها في تلك الأماكن، ونذكرها في غيرها، فأمليناه حسب ما اتفق (١)).

ولهذا تخلل مصنفه هذا حال إملائه شيء من القصور والأوهام والزلل، التي هي من صفة البشر، فكان لا بد للمطالع المدقق في هذا الكتاب أن يقف على شيء من هذه الأوهام، فكان للإمام الحافظ أبي إسحاق، إبراهيم بن محمد بن محمود الدمشقي الشافعي، الملقب بالناجي، شرفُ التعرُّض لكشف شيءٍ من هذه الأوهام وتبيينها للأمة، فتتبع الكتاب واستدرك ما تيسر له في كتابٍ سماه:


(١) الترغيب والترهيب ٤/ ٥٦٥ - ٥٦٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>