للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلما بلغ أبا قحافة قدوم النبي صلى الله عليه وسلم مكة قال لابنة له من أصغر ولده: أي بنيتي! اظهري بي على ظهر قبيس وكان نظره قد كف إذ ذلك، فقال: أي بنية «١» ! ما ترين؟

قالت: أرى سوادا مجتمعا، قال: تلك الخيل؛ ثم قالت: والله قد انتشر السواد! فقال: والله لقد دفعت الخيل سرعى إلى بيتي! فانحبطت به وتلقته الخيل قبل أن يصل إلى بيته.

ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم من «٢» أذاخر مكة «٢» على رأسه مغفر من حديد عليه عمامة سوداء «٣» ، ولم يلق أحد من المسلمين قتالا إلا ما كان من خالد بن الوليد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل ستة أنفس من المشركين قبل قدومهم إلى مكة، وقال: «أي موضع رأيتم هؤلاء فاقتلوهم» : عبد «٤» الله بن سعد بن أبي سرح «٥» وعبد الله بن خطل رجل من بني تميم بن غالب «٦» والحويرث بن


فِيهِ وَالْبادِ، وقال ابن عمرو بن عباس: الحرم كله مسجد؛ والأصل الثاني أن النبي صلى الله عليه وسلم دخلها عنوة غير أنه منّ على أهلها بأنفسهم وأموالهم، ولا يقاس عليها غيرها من البلاد كما ظن بعض الفقهاء فإنها مخالفة لغيرها من وجهين: أحدهما ما خص الله به نبيه فإنه قال: قُلِ الْأَنْفالُ لِلَّهِ وَالرَّسُولِ والثاني ما خص الله تعالى به مكة فإنه جاء: لا تحل غنائمها ولا تلتقط لقطتها وهي حرم الله تعالى وأمنه، فكيف تكون أرضها أرض خراج! فليس لأحد افتتح بلدا أن يسلك به سبيل مكة، فأرضها إذا ودورها لأهلها ولكن أوجب الله عليهم التوسعة على الحجيج إذا قدموها ولا يأخذوا منهم كراء في مساكنها؛ فهذا حكمها فلا عليك بعد هذا فتحت عنوة أو صلحا، وإن كانت ظواهر الحديث أنها فتحت عنوة. وذكر الهذلي الذي قتل وهو واقف فقال: أقد فعلتموها يا معشر خزاعة! وروى الدارقطني في السنن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لو كنت قاتل مسلم بكافر لقتلت خراشا بالهذلي يعني بالهذلي قاتل ابن أثوغ وخراش هو قاتله وهو من خزاعة» .
(١) وقع في ف «بينه» مصحفا.
(٢- ٢) في الطبري «من أذاخر حتى نزل بأعلى مكة وضربت هنا لك قبته» .
(٣) في ف «سوادا» كذا.
(٤) زيد في الطبري «منهم» وزيد قبله «وإن وجدوا تحت أستار الكعبة» .
(٥) زيد في الطبري «بن حبيب بن جذيمة بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر بن لؤي وإنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله أنه كان قد أسلم فارتد مشركا ففر إلى عثمان- إلخ» .
(٦) زيد في الطبري «وإنما أمر بقتله أنه كان مسلما فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا وبعث معه رجلا من

<<  <  ج: ص:  >  >>