للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك قولهم: النالة لما حول الحرم. والتقاؤهما أن من كان فيه لم تنله اليد؛ قال الله -عز اسمه: {وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِنًا} ١. فهذا لسلب هذا المعنى لا لإثباته.

ومنه: المئلاة للخرقة في يد النائحة تشير بها. قال٢ لي أبو علي: هي من ألوت، فقلت له: فهذا إذًا من "ما ألوت"؛ لأنها لا تألو أن تشير بها؛ فتبسم رحمه الله إلي٣ إيماء؛ إلى ما نحن إليه وإثباتًا له واعترافًا به. وقد مر بنا من ذلك ألفاظ غير هذه.

وكان أبو علي -رحمه الله- يذهب في الساهر إلى هذا، ويقول: إن قولهم: سهر فلان أي نبا جنبه عن الساهرة "وهي وجه الأرض"٤ قال الله عز وجل: {فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ} ٥ فكأن٦ الإنسان إذا سهر قلق جنبه عن مضجعه ولم يكد يلاقي الأرض فكأنه سلب الساهرة.

ومنه تصريف "ب ط ن" إنما هو لإثبات معنى البطن نحو بطن، وهو بطين ومبطان، ثم قالوا: رجل مبطن٧ للخميص البطن٨ فكأنه٩ لسلب هذا المعنى؛ قال الهذلي ١٠:

مخطوف الحشا زرم

وهذا مثله سواءً.


١ آية ٩٧ سورة آل عمران.
٢ سقط في د، هـ، ز.
٣ سقط في ش.
٤ سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز.
٥ آية ١٤ سورة النازعات.
٦ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وكأن".
٧ في د، هـ، ز بعده: "إذا كان".
٨ سقط في د، هـ، ز، ط.
٩ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "وكأنه".
١٠ هو ساعدة بن جؤية، والبيت بتمامه:
موكل بشدوف الصوم يرقبه ... من المعازب مخطوف الحشا زرم
والصوم: شجر على شكل الإنسان، وشدوفه: شخرصه، والمعازب: الأمكنة البعيدة، ومخطوف الحشا: ضامره، وزرم: لا يثبت في مكان، وهو يصف ثورا، قال الأصمعي: إنه يرقب شجر الصوم يخشى أن يكون إنسانا، وانظر الأمالي جـ١/ ٢٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>