للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب في الاعتراض]

اعلم أن هذا القبيل من هذا العلم كثير قد جاء في القرآن وفصيح الشعر ومنثور الكلام. وهو جار عند العرب مجرى التأكيد، فلذلك لا يشنع١ عليهم ولا يستنكر عندهم أن يعترض به بين الفعل وفاعله والمبتدأ وخبره وغير ذلك مما لا يجوز الفصل "فيه"٢ بغيره٣، إلا شاذًّا أو متأولا. قال الله سبحانه وتعالى: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ، وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ، إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ} ٤, فهذا فيه اعتراضان: أحدهما قوله: {وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ} لأنه اعترض به بين القسم الذي هو قوله: {فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ} وبين جوابه الذي هو قوله: {إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ كَرِيمٌ} وفي نفس هذا الاعتراض اعتراض آخر بين الموصوف الذي هو "قسم " وبين صفته التي هي "عظيم " وهو قوله: {لَوْ تَعْلَمُونَ} . فذانك٥ اعتراضان كما ترى. ولو جاء٦ الكلام غير معترض فيه لوجب أن يكون: فلا أقسم بمواقع النجوم إنه لقرآن كريم وإنه لقسم عظيم لو تعلمون٧.

ومن ذلك "قول٨ امرئ القيس ":

ألا هل أتاها والحوادث جمةٌ ... بأن امرأ القيس بن تملك بيقرا٩


١ كذا في ش. وفي ب: "ينشع"، وفي أ: "يتبشع".
٢ ثبت هذا في ش، ب. وسقط في أ.
٣ أي بغير الاعتراض.
٤ الآيات ٧٥-٧٧ من سورة الواقعة.
٥ كذا في أ، ب، د، هـ. وفي ش: "فذان" وكأنها مصلحة عن: "فذانك".
٦ كذا في أ. وفي ش، ب: "جاز".
٧ ثبت هذا في أ، ب. وسقط في ش.
٨ كذا في ش، ب. وفي أ: "قوله".
٩ "تملك": هي أمه؛ والمشهور في اسمها فاطمة. وانظر شرح الوزير أبي بكر بن عاصم ص٢. و"بيقر": وترك البادية ونزل العراق، أو نزل الضر أو أعبا. وانظر معاني ابن قتيبة ٨٧٥. انظر أيضا الخزانة ٤/ ١٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>