للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فهذا لا بد من التزام ضرورته لأنه لو قال: سمايا لصار من الضرب الثاني إلى الثالث وإنما مبنى هذا الشعر على الضرب الثاني١ لا الثالث. وليس كذلك قوله ٢:

أبيت على معاري فاخرات ... بهن ملوب كدم العباط

لأنه لو قال: معار٣ لما كسر الوزن؛ لأنه يصير من مفاعلتن إلى مفاعيلن وهو العصب. لكن مما لا بد من التزام ضرورته مخافة كسر وزنه قول الآخر:

خريع٤ دوادي في ملعب ... تأزر طورًا وترخي الإزارا

فهذا لا بد من تصحيح معتله؛ ألا ترى أنه لو أعل اللام وحذفها٥ فقال دواد, لكسر البيت البتة.

فاعرف إذًا حال ضعف الإعراب الذي لا بد من التزامه مخافة كسر البيت من الزحاف الذي يرتكبه الجفاة الفصحاء إذا أمنوا كسر البيت, ويدعه من حافظ على صحة الوزن من غير زحاف وهو كثير. فإن أمنت كسر البيت اجتنبت ضعف الإعراب وإن أشفقت من كسره ألبتة دخلت تحت كسر الإعراب.


١ الشعر من الطويل. والضرب الثاني فيه ما كان عروضه وضربه مقبوضين. والضرب الثالث ما كان الضرب فيه محذوفا.
٢ هو المتنخل الهذلي. والبيت في الكتاب ٢/ ٥٨، وديوان الهذليين ٢/ ٢٠ في قصيدة طويلة.
٣ قال ابن قتيبة: "ولو قال:
أبيت على معار فاخرات
كان الشعر موزونا، والإعراب صحيحا ... وهكذا قرأته على أصحاب الأصمعي، انظر الشعراء له ٤٦.
٤ الخريع: الناعمة مع فجور. والدوادي: الأراجيح. والبيت للكميت. ويظهر لي أنه من القصيدة الرائية التي منها أبيات في الخزانة ١/ ٨٢. ويذكر صاحب الخزانة أنها في مدح أبان بن الوليد بن عبد الملك بن مروان. والذي في الأغاني ١٥/ ١٢٩ أن الكميت كان مداحا لأبان بن الوليد البجلي. وانظر الكتاب ٢/ ٦٠، وتصريف المازني، في الموطن السابق.
٥ كذا في أ. وفي سائر الأصول: "صرفها".

<<  <  ج: ص:  >  >>