للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب ذكر الفرق بيت العلة الموجبة، وبين العلة المجوزة]

...

باب ذكر الفرق بين العلة الموجبة، وبين العلة المجوزة:

اعلم أن أكثر العلل عندنا مبناها على الإيجاب بها كنصب الفضلة أو ما شابه١ في اللفظ الفضلة, ورفع المبتدأ؛ والخبر, والفاعل, وجر المضاف إليه, وغير ذلك. فعلل هذه الداعية إليها موجبة لها, غير مقتصر بها على تجويزها٢؛ وعلى هذا مقاد كلام العرب.

وضرب آخر يسمى علة, وإنما هو في الحقيقة سبب يجوز ولا يوجب ٤.

من ذلك الأسباب الستة الداعية إلى الإمالة هي علة الجواز لا علة الوجوب ألا ترى أنه ليس في الدنيا أمر يوجب الإمالة لا بد منها وأن كل ممال لعلة من تلك الأسباب٥ الستة لك أن تترك إمالته مع وجودها فيه. فهذه إذًا علة الجواز لا علة الوجوب.

ومن ذلك أن يقال لك: ما علة قلب واو " أقتت " همزة؟ فتقول: علة ذلك أن الواو انضمت ضمًّا لازمًا. وأنت مع هذا تجيز ظهورها واوًا غير


١ وذلك كخير كان ومفعولي ظن.
٢ كذا في أ. وفي ش، ب: "تجوزها".
٣ كذا في أ، ب. وفي ش: "مفاد" بالفاء، وكذا ورد في العبارة المنقولة في الاقتراح، وقال ابن علان في شرحه: "بضم الميم أي إفادة".
٤ قال في الاقتراح عقب هذا الكلام: "فظهر بهذا الفرق بين العلة والسبب، وأن ما كان موجبا يسمى علة، وما كان مجوزا يسمى سببا" قال ابن علان في شرح الافتراح: "ما كان موجبا للحكم يسمى علة؛ لأن ذلك شأنها: أنه يجب مطولها عند وجودها إن لم يوجد مانع. وما كان مجوزا يسمى سببا؛ لأن المسبب قد يتخلف عن السبب لفقد سبب عند تعدد الأسباب أو لوجود مانع" وفي هامشه: "لأن السبب قد يعارضه ما يمنع الوجوب؛ كوجود الراحلة: من أسباب جواز الحج لا وجوبه".
٥ هي انقلاب الألف عن الياء، وصيرورتها إلى الياء، وكونها بدلا عن مكسور من واو أو ياء، ووجود يا. قبلها أو بعدها، ووجود كسرة قبلها أو بعدها، والتناسب. وانظر الأشموني مبحث الإمالة، وشرح ابن يعيش ٩/ ٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>