للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكذلك كتب محمد١ بن الحسن رحمه الله إنما ينتزع٢ أصحابنا٣ منها العلل٤، لأنهم يجدونها منثورة في أثناء كلامه, فيجمع بعضها إلى بعض بالملاطفة والرفق. ولا تجد له علة في شيء من كلامه مستوفاة محررة. وهذا معروف من هذا الحديث عند الجماعة غير منكور.

الآن قد أريتك بما مثلته لك من الاحتياط في وضع العلة كيف حاله, والطريق إلى استعمال مثله فيما عدا ما أوردته وأن تستشف٥ ذلك الموضع فتنظر إلى آخر ما يلزمك إياه الخصم فتدخل الاستظهار بذكره في أضعاف ما تنصبه من علته لتسقط عنك فيما بعد الأسولة٦ والإلزامات التي يروم مراسلك الاعتراض بها عليك والإفساد لما قررته من عقد علتك. ولا سبيل إلى ذكر جميع ذلك لطوله ومخافة الإملال ببعضه. وإنما تراد المثل ليكفي قليلها من كثير غيرها, ولا قوة إلا بالله.


١ هو صاحب أبي حنيفة، وصاحب الكتب النادرة في الفقه، منها الجامع الكبير، والجامع الصغير. وهو ابن خالة الفراء، ويروي عن الشافعي -رضي الله عنه- أنه قال: ما رأيت سمينا ذكيا إلا محمد بن الحسن. مات بالري سنة ١٩٨ في اليوم الذي مات فيه الكسائي. وقيل إن الرشيد قال: دفعت الفقه والعربية بالري. انظر ابن خلكان.
٢ كذا في أ، ب. وفي ش: "ينزع".
٣ يريد الحنفية، وكان ابن جني حنفيا، وكان ينصر الحنفية على الشافعية. وانظر من أمثلة هذا كلامه في الترتيب في الوضوء في حرف الواو من سر الصناعة؛ وكلامه في إفادة الهاء للتبعيض، في الكتاب السابق.
٤ يريد علل الفقه، وقد ساق في الاقتراح هذا النص عن ابن جني، وزاد شارحه ابن علان بعد "العلل" كلمة "النحوية" وهي زيادة لا وجه لها ولا يعني هذا ابن جني. إنما يعني أنه جمع عناصر العلة فيما ذكر من كلام أصحابه النحويين وقد كانت منثورة فيه، كما كان أصحاب محمد بن الحسن مجمعون العلل الفقهية من كلامه. فله في النحو أسوة بأصحابه في الفقه.
٥ استشف الشيء: نظر ما وراءه.
٦ كذا في الأصول الثلاثة. وهي لغة صحيحة. وانظر ص٩٤ من هذا الجزء.

<<  <  ج: ص:  >  >>