للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب اختلاف اللغات وكلها حجة]

اعلم أن سعة القياس تبيح١ لهم ذلك ولا تحظره عليهم, ألا ترى أن لغة التميميين في ترك إعمال "ما" يقبلها٢ القياس, ولغة الحجازيين في إعمالها كذلك؛ لأن لكل واحد من القومين ضربًا من القياس يؤخذ به ويخلد إلى مثله. وليس لك أن تردَّ إحدى اللغتين بصاحبتها؛ لأنها ليست أحق بذلك من وسيلتها. لكن غاية مالك في ذلك أن تتخيّر إحداهما فتقويها على أختها, وتعتقد أن أقوى القياسين أقبل لها وأشد أنسابها. فأما ردّ إحداهما بالأخرى فلا. أوَلا ترى إلى قول النبي -صلى الله عليه وسلم: "نزل القرآن بسبع لغات كلها كافٍ شافٍ" ٣.

هذا حكم اللغتين إذا كانتا في الاستعمال والقياس متدانيتين متراسلتين أو كالمتراسلتين.

فأمَّا أن تَقِلَّ إحداهما جدًّا وتكثر٤ الأخرى جدًّا, فإنك تأخذ بأوسعهما رواية وأقواهما قياسًا, ألا تراك لا تقول: مررت بك ولا المال لك, قياسًا على قول قضاعة: المال له ومررت به, ولا تقول أكرمتُكِش ولا "أكرمتكس"٧ قياسًا على لغة من قال: مررت بكش, وعجبت منكِس.


١ في م: "تنيح".
٢ في م: "يمليها".
٣ ورد أصل هذا الحديث في حديث طويل في البخاري في كتاب فضائل القرآن.
٤ كذا في أ. وفي ش، ب: "أو".
٥ كذا في ب، ج. وسقط هذا في أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>