للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

باب في أن العلة إذا لم تتعد١ لم تصح:

من ذلك قولهم من اعتل لبناء نحو: كم, ومن, وما, وإذ, ونحو ذلك بأن هذه الأسماء لما كانت على حرفين شابهت بذلك ما جاء من الحروف على حرفين؛ نحو: هل, وبل, وقد. قال: فلما شابهت الحرف من هذا الموضع وجب بناؤها, كما أن الحروف مبنية. وهذه علة غير متعدية, وذلك أنه كان يجب على هذا أن يبنى ما كان من الأسماء أيضًا على حرفين نحو يد, وأخ, وأب, ودم, وفم, وحِر, وهَن, ونحو ذلك.

فإن قيل: هذه الأسماء لها أصل في الثلاثة, وإنما حذف منها حرف, فهو لذلك معتد, فالجواب أن هذه زيادة٢ في وصف العلة, لم تأت بها في أول اعتلالك. وهبنا سامحناك بذلك, قد كان يجب على هذا أن يبني باب يد, وأخ, وأب, ونحو ذلك؛ لأنه لما حذف فنقص شابه الحرف, وإن كان أصله الثلاثة, ألا ترى أن المنادى المفرد المعرفة قد كان أصله أن يعرب, فلما دخله شبه الحرف لوقوعه موقع المضمر بني, ولم يمنع من بنائه جريه معربًا قبل حال البناء. وهذا شبه


١ يعبر عن العلة إذا لم تتعد بالقاصرة. وقد عقد لها بحثا في الاقتراح، ونقل عن ابن الأنباري خلافا في الأخذ بها.
٢ يراد بالزيادة في وصف العلة التي تخرج نحو يد أن يكون الاسم على حرفين أصالة أي في أصل وضعه، فلا يدخل في هذا نحو أخ فإنه ليس على حرفين في وضعه. وهذه الزيادة مرادة لمن اعتل بهذه العلة لبناء كم ومن، وهو تعليل صحيح، ولا يرد علي ما أورده المؤلف من بناء المفرد المعرفة لوقوعه موقع المضمر مع إعرابه قبل حال البناء، فإن العلة في حال النداء موجودة صحيحة، وأخ, ونحو لا يوجد فيه الشبه بهل كاملا، لأنه لم يوضع على حرفين بل على ثلاثة. ويرى بعض النحويين أن وضع الاسم على حرفين لا يقتضي البناء إلا إذا كان الثاني حرف لين كالضمير "نا" ويعتل لبناء كم ومن ونحوهما بغير الشبه الوضعي. وعلى هذا الرأي المؤلف، كما يؤخذ من كلامه في هذا الكتاب في "باب في هذه اللغة؛ أفي وقت واحد وضعت أم تلاحق تابع منها بفارط؟ ", وانظر الأشموني على الألفية في مبحث المعرب والمبني.

<<  <  ج: ص:  >  >>