للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

معنوي١ كما ترى مؤثر داع إلى البناء والشبه اللفظي أقوى من الشبه المعنوي فقد كان يجب على هذا أن يبني ما جاء من الأسماء على حرفين وله أصل في الثلاثة وألا يمنع من بنائه كونه في الأصل ثلاثيًا كما لم يمنع من بناء زيد في النداء كونه في الأصل معربًا بل إذا كانت صورة إعراب زيد قبل ندائه معلومة مشاهدة, ثم لم يمنع ذاك من بنائه كان أن يبنى باب يد ودم وهن لنقصه ولأنه لم يأت تامًا على أصله إلا في أماكن شاذة أجدر. وعلى أن منها ما لم يأت على أصله البتة وهو معرب. وهو حر، وسه، وفم. فأما قوله:

يا حبذا عينا سليمى والفما٢

وقول الآخر ٣:

هما نفثا في فِيَّ من فمويهما٤

فإنه على كل حال لم يأت على أصله وإن كان قد زيد٥ فيه ما ليس منه.


١ يريد بالشبه المعنوي ما لا يرجع إلى اللفظ، وإن كان به ما اصطلح عليه المتأخرون، وهو أن يتضمن الاسم معنى من معاني الحروف.
٢ عجزه:
والجيد والنحو وثدى قد نما
وانظر اللسان في "فوه"، والجمهرة ٣/ ٤٨٤.
٣ هو الفرزدق. وانظر الخزانة ٢/ ٢٦٩، ٣/ ٣٤٦, والكتاب ٢/ ٨٣ والديوان طبعة أوروبا ١١١.
٤ عجزه:
على الناتج العاوي أشد رجام
وقبله:
وإن ابن إبليس وإبليس ألبنا ... لهم بعذاب الناس كل غلام
وهما من قصيدة يتوب فيها من الهجاء وقذف المحصنات. وقوله: "هما نفثا" يريد إبليس وابنه يريد أنهما ألقيا على لسانه ما لا يحل من القول. ثم استأنف فقال: على النابح، يريد من يهجو الفرزدق، ورجام، فهو مصدر راجم بالحجارة، رمى بها، يريد الإجابة بأسوأ الجواب.
٥ يريد أن "الفما" في بيت الرجز، وفي بيت الفرزدق نقص العين واللام؛ إذ أصله فوه، بدليل جمعه على أفواه وزيد فيه الميم والألف، وهما ليسا في أصل تركيبه، ويذكر النحويون في بيت الفرزدق أن فيه جمعا بين البدل -هو الميم- والمبدل عنه، وهو الواو. وقد أورد ابن جني في سر الصناعة "حرف النون" الرجز وبيت الفرزدق وأورد في "الفما" بضعة أوجه، ثم قال: ويجوز أن يكون "الفما" في موضع رفع، إلا أنه اسم مقصور بمنزلة عصا، وعليه بيت الفرزدق:
هما نفثا في في من فمويهما

<<  <  ج: ص:  >  >>