للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن شئت قلت: خرج "سهر" منتقلًا عن أصل بابه إلى سلب معناه منه١؛ كما خرجت الأعلام عن شياع الأجناس إلى خصوصها بأنفسها لا بحرف يفيد التعريف فيها؛ ألا ترى أن بكرًا وزيدًا ونحوهما من الأعلام إنما تعرفه بوضعه، لا بلام التعريف٢ فيه، كلام الرجل والمرأة وما أشبه ذلك. وكما أن ما كان مؤنثًا بالوضع كذلك أيضًا، نحو هند وجملٍ وزينب وسعاد فاعرفه. ومثل سهر في تعريه من الزيادة قوله ٣:

يخفي النراب بأظلاف ثمانية

ومن ذي الزيادة منه قولهم: أخفيت الشيء أي٤ أظهرته.

وأنا أرى أن في هذا الموضع من العربية ما أذكره لك، وهو أن هذا المعنى الذي وجد في الأفعال من الزيادة على معنى الإثبات بسلبه٥ كأنه مسوق على ما جاء من الأسماء ضامنًا لمعنى الحرف، كالأسماء المستفهم بها، نحو: كم٦ ومن وأي وكيف ومتى وأين٧ وبقية الباب. فإن الاستفهام معنى حادث فيها على ما وضعت له الأسماء


١ كذا في د، هـ، ز، ط، وفي ش: "فيه".
٢ كذا في د، هـ، ز، وفي ش، ط: "تعريف".
٣ أي عبدة بن الطبيب، وعجزه:
في أربع مسهن الأرض تحليل
وهو من قصيدة طويلة مفضلية، يصف فيه ثورا وحشيا صارع كلاب الصيد، ونجا منها وأسرع السير، وهو في عدوه يستخرج التراب ويظهره بأظلافه الثمانية في أربع قوائمه، في كل قائمة ظلفان، وذكر أن القوائم تلمس الأرض لمسا خفيفا، كمن يفعل الشيء لتحليل القسم على فعله، لا رغبة فيه.
٤ كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "إذا".
٥ كذا في د، ز، وفي ش، ط: "لسلبه".
٦ ثبت هذا اللفظ في ش، وسقط في د، هـ، ز، ط.
٧ سقط في ش.

<<  <  ج: ص:  >  >>