للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما وجه إفساده شيئًا آخر فمن قبل أن فيه ردًّا على من قال: إن المفعول إنما نصبه الفاعل١ وحده لا الفعل١ وحده ولا الفعل١ والفاعل جميعًا.

وطريق الاستدلال بذلك أنا قد علمنا أنهم إنما يعنون بقولهم: الضمير المتصل: أنه متصل بالعامل٢ فيه لا محالة ألا تراهم يقولون: إن الهاء في نحو مررت به ونزلت عليه ضمير متصل أي متصل بما عمل فيه وهو الجار وليس لك أن تقول: إنه متصل بالفعل لأن الباء٣ كأنها جزء من الفعل من حيث كانت معاقبة لأحد أجزائه المصوغة فيه وهي همزة أفعل وذلك نحو أنزلته ونزلت به وأدخلته ودخلت به وأخرجته وخرجت به لأمرين ٤:

أحدهما أنك إن اعتددت الباء لما ذكرت كأنها بعض الفعل فإن هنا دليلًا آخر يدل على أنها كبعض الاسم ألا ترى أنك تحكم عليها وعلى ما جرته بأنهما جميعًا في موضع نصب بالفعل حتى إنك لتجيز٥ العطف عليهما جميعًا بالنصب نحو قولك: مررت بك وزيدًا ونزلت عليه وجعفرًا فإذا كان هنا أمران أحدهما٦ على حكم والآخر على ضده وتعارضا هذا التعارض ترافعا٧ أحكامهما وثبت أن الكاف في نحو


١ الذي قال: إن المفعول نصبه الفاعل وحده هو هشام بن معاوية من أعيان أصحاب الكسائي، وكانت وفاته سنة ٢٠٩هـ: وانظر البغية ٤٠٩. وذهب جمهور الكوفيين إلى أن العامل فيه الفعل والفاعل جميعًا، ويرى البصريون أن العامل فيه الفعل أو ما حمل عليه، وانظر الإنصاف. وشرح الرضي على الكافية ١/ ٢١، والهمع ١/ ١٦٥.
٢ في أ: "بالفاعل".
٣ متعلق بقوله، "متصل" وهو المنفي.
٤ متعلق بقوله: "ليس لك ... " فهو متعلق بالنفي.
٥ هذا رأي ابن جني، ومحققو النحاة لا يجيزون ذلك؛ فإن من شرط العطف على المحل عندهم ظهور الإعراب المحل في الفصيح، نحو: ليس زيد بقائم ولا قاعدا. وانظر المغني في أقسام العطف في الباب الرابع.
٦ أي أحدهما يدل على حكم، فالخبر محذوف وهو يدل. ويبدو أن "يدل" سقطت من النساخ.
٧ أي رفع كل منهما حكم الآخر وأزاله. وهذا كما يقول الجدليون: إذا تعارض الشيئان تساقطا وفي ج: "وإذا تعارض الدليلان تمانعا"، وانظر فما يجيء الباب المعقود لترافع الأحكام.

<<  <  ج: ص:  >  >>