للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سمعت عمرو بن عبيد يقرأ: {فَيَوْمَئِذٍ لَا يُسْأَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ} ١ "فظننت أنه"٢ قد لحن، إلى أن سمعت العرب تقول: شأبة، ودأبة. وقال كثير:

إذا ما العوالي بالعبيط احمأرت٣

"يريد احمارت"٤ وقال أيضًا:

وللأرض أما سودها فتجللت ... بياضا وأما بيضها فاسوأدت٥

وأنشد قوله:

يا عجبًا لقد رأيت عجبا ... حمار قبان يسوق أرنبا

خاطمها زأمها أن تذهبا٦

وقال دكين:

وجله حتى ابيأض ملببه

فإن قلت: فما أنكرت أن يكون ذلك فاسدا، لقولهم في جمع بأز: بئزان بالهمز٧. وهذا يدل على كون٨ الهمزة فيه٩ عينًا أصلًا كرأل١٠ ورئلانٍ.

قيل: هذا غير لازم. وذلك أنه لما وجد الواحد -وهو بأز- مهموزًا -نعم وهمزته غير مستحكمة السبب- جرى عنده وفي نفسه مجرى ما همزته أصلية، فصارت بئزان كرئلان. وإذا١١ كانوا ما قويت علة قلبه مجرى الأصلي في قولهم:

ميثاق ومياثق كان إجراء بأز مجرى رأل أولى وأحرى. وسيأتي نحو هذا في باب له.

وعليه أيضًا قوله:

لحب المؤقدان إلي مؤسى١٢

ألا ترى أن ضمة الميم في "الموقدان" و"موسى" لما جاورت الواو الساكنة صارت كأنها فيها، والواو إذا انضمت ضما لازما همزت؛ نحو أجوه وأقتت، فاعرف ذلك، وعليه جاء قوله:

... فرأٌ متار١٣

يريد: متأرا، فلما جاورت الفتحة في الهمزة التاء صارت كأنها فيها، فجرى ذلك مجرى متأر، فخفف على نحو من تخفيف رأس وبأس. وسيأتي ذلك في بابه بإذن الله.


١ آية ٣٩ سورة الرحمن.
٢ كذا في ش، وفي ز، ط: "فظننته".
٣ انظر ص١٢٨ من هذا الجزء.
٤ سقط ما بين القوسين في د، هـ، ز، ط. وثبت في ش.
٥ انظر ص١٢٩ من هذا الجزء.
٦ حمار قبان دويبة أصفر من الخنفساء، والشعر جاء على تكاذيب الأعراب وتعاجيبهم، فإنه يذكر أن هذه الدويبة تركب أرنبا، وهي تسوقها ممسكة بخطامها رؤمامها لئلا تذهب وتشرد منها، وقد سأل الشاعر حمار فيان أن يركبه خلفه فرحب بذلك، وانظر شواهد الشافية ١٦٧.
٧ سقط في د، هـ، ز.
٨ في ش: "أن كون".
٩ سقط في د، هـ، ز.
١٠ هو ولد النعام.
١١ في د، هـ، ز: "إن".
١٢ انظر ص١٧٧ من الجزء الثاني، ص١٤٨ من هذا الجزء.
١٣ انظر ص١٧٨ من الجزء الثاني.

<<  <  ج: ص:  >  >>