للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

له بقوة فيدعو زواله إلى المصير إلى ضد١ الحكم الذي كان وجب به. وليس هذا كمياثق٢؛ من قبل أن القلب في ميثاق واجب، والقلب في قنية وصبية ليس بواجب. فكأن باب ميثاق أثر في النفس أثرًا قوي الحكم فقرره٣ هناك، فلما زال بقي حكمه دالًّا على قوة الحكم الذي٤ كان به، وباب صبية وعلية أقر حكمه٥ مع زوال الكسرة عنه٦، اعتذارًا في ذلك بأن الأول لم يكن عن وجوب فيزال عنه لزوال ما دعا إليه، وإنما كان استحسانًا، فليكن مع زوال الكسر أيضًا استحسانًا.

أفلا ترى إلى اختلاف حال الأصلين في الضعف والقوة، كيف صرت له٧ بهما إلى فرع واحد، وهو القلب. فإنه جيد في معناه، ونافع في سواه، مما شرواه٨. "ومن بعد"٩ فقد قالوا أيضًا: صبوان وصبوة وقنوة؛ وعلى أن البغداديين قالوا: قنوت، وقنيت، وإنما كلامنا على ما أثبته أصحابنا، وهو قنوت لا غير.

ومن بقاء الحكم مع زوال علته قول الراجز١٠:

لما رأى أن لادعه ولا شبع ... مال إلى أرطاة حقفٍ فالطجع

وهو افتعل من الضجعة. وأصله: "فاضتجع فأبدلت التاء طاء لوقوع الضاد قبلها١١، فصارت"١٢: فاضطجع، ثم أبدل الضاد لامًا. وكان سبيله "إذ أزال"١٣ جرس الضاد أن تصح١٤ التاء، فيقال: فالتجع؛ كما يقال: التحم١٥، والتجأ، لكنه أقرت١٦ الطاء

بحالها؛ إيذانًا بأن هذا القلب الذي دخل الضاد إلى اللام لم يكن عن استحكام، ولا عن وجوب؛ كما أن صحة الواو في١٧ قوله١٨:

وكحل العينين بالعواور

إنما جاء لإرادة الياء في العواوير١٩، وليعلم أن هذا الحرف ليس بقياس ولا منقاد.

فهذه طريق بقاء الأحكام، مع زوال العلل والأسباب. فاعرف ذلك؛ فإنه كثير جدًّا.


١ في ز: "صدر".
٢ في ز، ط: "كميثاق".
٣ في ط: "وقرره".
٤ سقط في ش، ط.
٥ في ط: "هلى حكمه".
٦ سقط في د، هـ، ز.
٧ سقط في د، هـ، ز، ط.
٨ شروى الشيء مثله.
٩ في ط: "وبعده".
١٠ كذا في ش، وفي د، هـ، ز: "الآخر"، وفي ط "جرير" وهو سهو في النسخ، وانظر في الرجز ص٢٦٤ من الجزء الأول، وتهذيب الألفاظ ٣٠٢.
١١ كذا في د، هـ، ز، وفي ط: "فاء".
١٢ سقط ما بين القوسين في ش.
١٣ في ط: "إذ زال".
١٤ كذا في ش، وفي ز، ط: "يصح".
١٥ كذا في ش، ط، وفي د، هـ، ز: "النجم".
١٦ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "أقر".
١٧ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "من".
١٨ أي جندل بن المثنى الطهوي، وقبله:
غرك أن تقاربت أباعري ... وأن رأيت الدهر ذا الدوائر
حتى عظامي وأراه ثاغري
وتقارب أباعره كتابة عن فلتها، وقوله: "وكحل" ففاعله الدهر كما رأيت، والعواور جمع العوار -كرمان- وهو وجع العين، وقد جعل إصابة العين بالوجع كحلا على سبيل التشبيه، وانظر الكتاب ٢/ ٣٧٤، وشواهد الشافية ٢٧٤.
١٩ كذا في ش، ط، وفي ز: "العواور".

<<  <  ج: ص:  >  >>