للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وغرضه في هذين البيتين أن يريك١ خفضة في حال دعته٢. وقريب منه قول لبيد:

يا عين هلا بكيت أربد إذ ... قمنا وقام الخصوم في كبد٣

أي: هناك يُعرف قد الإنسان، لا٤ في في حال الخلوة والخفيضة٥. وعليه قولها٦:

يذكرني طلوع الشمس صخرا ... وأذكره لكل غروب شمس

أي وقتى الإغارة والإضافة. وقد كثر جدا. وآخر ما جاء به شاعرنا، قال٧:

وإذا ما خلا الجبان بأرض ... طلب الطعن وحده والنزالا

ونظير هذا الإنسان يكون له ابنان أو أكثر من ذلك، فلا يمنعه نجابة النجيب منهما الاعتراف بأدونهما، وجمعه بينهما في المقام الواحد إذا احتاج إلى ذلك.

وقد كنا قدمنا٨ في هذا الكتاب حكاية أبي العباس مع عمارة وقد قرأ: "ولا الليل سابقُ النهارَ"٩ فقال له "أبو العباس"١٠: ما أردت؟ فقال: أردت: سابق النهار. فقال: فهلا قلته! فقال عمارة١٠: لو قلته لكان أوزن.

وهذا يدلك على أنهم قد يستعملون من الكلام ما غيره "آثر في نفوسهم منه"١١؛ سعة في التفسح، وإرخاء١٢ للتنفس١٣، وشحا على ما جشموه١٤ فتواضعوه، أن يتكارهوه فيلغوه ويطرحوه. فاعرف ذلك مذهبا لهم، ولا "تطعن عليهم"١٥ متى ورد عنهم شيء منه.


١ في د، هـ، ز: "يريد".
٢ في ط: "تغبه".
٣ في ز، ط: "قام" في مكان: "قمنا". في "كبد" أي في شدة وعناه. وفي الأغاني ١٥/ ١٣٠ "السامي": "الكبد: الثبات والقيام". وكان أربد أخا لبيد لأمه، وقد أصابته صاعقة فأحرقته، في قصة له في الأغاني.
٤ سقط في ش.
٥ كذا في ش. وفي ط: "الخفية" وفي ز: "الخفضة". والخفيضة: لين العيش وسعته.
٦ أي الخنساء في رثاء أخيها صخر. وفي ط:
وأبكية لكل مغيب شمس
٧ في ز: "فقال". والبيت من قصيدة يمدح فيها أبو الطيب سيف الدولة بن حمدان، ويذكر انتصاره على الروم يقول: إنهم أظهروا الإقدام على سيف الدولة، فلما أحسوا به فروا من بين يديه.
٨ انظر ص١٢٦، ١٥٠ من الجزء الأول.
٩ آية ٤٠ سورة يس.
١٠ سقط في ش.
١١ في د، هـ: "أثبت منه في أنفسهم".
١٢ في ز: "إرحايا".
١٣ في ش: "للمتنفس".
١٤ كذا في ش. وفي د، هـ، ز، ط: "تجشموه".
١٥ كذا في ش، وفي د، هـ، ز، ط: "تراجع عنه".

<<  <  ج: ص:  >  >>