للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ذلك أن يقال: من أين تجمع قول١ الله سبحانه: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} ٢ مع قول امرئ القيس:

على لا حب لا يهتدي بمناره ... إذا ساقه العود النباطي جرجرا٣

والجواب أن معنى قوله: {وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ} : لم يذل فيحتاج إلى ولى من الذل؛ كما أن هذا معناه: لا منار به فيهتدى به. ومثله قول الآخر:

لا تفزع الأرنب أهوالها ... ولا يرى الضب بها ينجحر٤

وعليه قول الله تعالى: {فَمَا تَنفَعُهُمْ شَفَاعَةُ الشَّافِعِينَ} ٥، أى لا يشفعون لهم فينتفعوا بذلك. يدل عليه قوله عز اسمه: {وَلَا يَشْفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ارْتَضَى} ٦ وإذا كان كذلك فلا شفاعة إلا للمرتضى٧. فعلمت بذلك أن لو "شفع لهم لا ينتفعون"٨ بذلك. ومنه قولهم: هذا أمر لا ينادى وليده أى لا وليد فيه فينادى.

فإن قيل: فإذا كان لا منار به ولا وليد فيه "ولا أرنب هناك"٩ فما وجه إضافة هذه الأشياء إلى ما لا ملابسة بينها وبينه؟

قيل: لا١٠؛ بل هناك ملابسة لأجلها ما صحت الإضافة. وذلك أن العرف أن يكون في الأرض الواسعة منا يهتدى به، وأرنب تحلها. فإذا شاهد الإنسان هذا البساط١١ من الأرض خاليا من المنار والأرنب١٢، ضرب بفكره إلى ما فقده


١ في ز، ط: "مع قول".
٢ ختام سورة الإسراء.
٣ في ز، ط: "الديافي" في مكان "النباطي" والنباطي -بضم النون وفتحها- المنسوب إلى النبط، وانظر ص١٦٧ من هذا الجزء.
٤ انظر المرجع السابق.
٥ آية ٤٨ سورة المدثر.
٦ آية ٢٨ سورة الأنبياء.
٧ في ز، ط: "للمرضى". يريد أن الشفاعة خصت بمن ارتضى الله، وهؤلاء سخط الله عليهم ولم يرضهم.
٨ كذا في د، هـ، ز. وفي ش: "شفعوا لا ينفعوا". وفي ط: "شفع فيهم لا تنفعوا".
٩ سقط ما بين القوسين في ش.
١٠ سقط في ز، ط.
١١ كذا في ش. وفي ز، ط: "البسيط". والبساط -بفتح الباء وكسرها: الأرض الواسعة، وكذا البسيط.
١٢ كذا في ش، وفي ز، ط: "الأرانب".

<<  <  ج: ص:  >  >>