للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فكل من فرق له عن علة صحيحة وطريق نهجة١ كان خليل٢ نفسه، وأبا عمرو فكره ٣.

إلا أننا -مع هذا الذي رأيناه وسوغناه مرتكبة- لا نسمح له بالإقدام على مخالفة الجماعة التي قد طال بحثها وتقدم نظرها٤، وتتالت أواخر على أوائل وأعجازًا على كلاكل والقوم الذين لا نشك في أن الله -سبحانه وتقدست أسماؤه- قد هداهم لهذا العلم الكريم وأراهم وجه الحكمة في الترجيب٥ له والتعظيم وجعله ببركاتهم وعلى أيدي طاعاتهم خادمًا للكتاب المنزل وكلام نبيه المرسل وعونًا على فهمهما ومعرفة ما أمر به أو نهي عنه الثقلان منهما إلا بعد أن يناهضه٦ إتقانًا ويثابته عرفانًا ولا يخلد إلى سانح خاطره ولا إلى نزوة من نزوات تفكره. فإذا هو حذا على هذا المثال وباشر بإنعام تصفحه أحناء الحال أمضى الرأي فيما يريه الله منه غير معاز٧ به، ولا غاض من السلف -رحمهم الله- في شيء منه. فإنه إذا فعل ذلك سدد رأيه. وشيع خاطره وكان بالصواب٨ مئنة ومن التوفيق مظنة وقد قال أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ ٩: ما على الناس شيء أضر من قولهم:


١ أي بينة واضحة، وفيما نقله الشاطبي عن ابن جني: "طريق نهج" وهو صحيح؛ فإن الطريق يذكر ويؤنث. انظر حواشي يس على الألفية ص٢٥٤ ج٢.
٢ يريد إمام نفسه كالخليل إمام الناس، وكأبي عمرو بن العلاء في ذلك.
٣ عقب الشاطبي على هذا القول بقوله: "فهو قول مردود، سبيله في ذلك سبيل النظام وبعض الخوارج والشيعة، بل نقطع بأن الإجماع في كل فن حجة شرعية". انظر المرجع السابق.
٤ كذا في أ، ب. وفي ش: "نظيرها" وهو خطأ.
٥ كذا في ب بالجيم. وش، أ: "الترحيب" وهو تحريف.
٦ كذا في ش، ب. وفي أ: "يفاهمه".
٧ المعازة: المغالبة. وهو هكذا في أ، ج. وفي ش، ب: "معان". وهو تحريف.
٨ كذا في أ، ب. وفي ش: "الصواب".
٩ كذا في ش، ب. وفي أسقط كلمة "الجاحظ".

<<  <  ج: ص:  >  >>