للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن قيل: هلا كان ذكرك أنت أيضًا هنا الفعل لا وجه له ألا ترى أنه إنما ارتفع بإسناد غيره إليه فاعلًا كان أو مبتدأ. والعلة في رفع الفاعل هي العلة في رفع المبتدأ وإن اختلفا من جهة التقديم والتأخير؟

قلنا: لا١ لسنا نقول هكذا مجردًا وإنما نقول في رفع المبتدأ: إنه إنما وجب ذلك له من حيث كان مسندًا إليه عاريًا من العوامل اللفظية قبله فيه وليس كذلك الفاعل لأنه وإن كان مسندًا إليه فإن قبله عاملًا لفظيًا قد عمل فيه وهو الفعل وليس كذلك قولنا: زيد قام لأن هذا لم يرتفع لإسناد الفعل٢ إليه حسب دون أن انضم إلى ذلك تعريه من العوامل اللفظية من قبله. فلهذا قلنا: ارتفع الفاعل بإسناد الفعل إليه ولم نحتج٣ فيما بعد إلى شيء نذكره كما احتجنا إلى ذلك في باب المبتدأ ألا تراك تقول: إن زيدًا قام فتنصبه -وإن كان الفعل مسندًا إليه- لما لم يعر من العامل اللفظي الناصبه.

فقد وضح بذلك فرق ما بين حالي المبتدأ والفاعل في وصف تعليل ارتفاعهما وأنهما وإن اشتركا في كون كل واحد منهما مسندًا إليه فإن هناك فرقًا من حيث أرينا.

ومن ذلك قولك في جواب من سألك عن علة انتصاب زيد من قولك: ضربت زيدًا: إنه إنما انتصب لأنه فضلة ومفعول به فالجواب قد استقل بقولك: لأنه فضلة وقولك من بعد: "ومفعول به " تأنيس وتأييد لا ضرورة بك إليه ألا ترى أنك تقول في نصب "نفس " من قولك: طبت به نفسًا: إنما انتصب لأنه فضلة وإن كانت النفس هنا فاعلة في المعنى. فقد علمت بذلك أن قولك: ومفعول به


١ كذا في أ. وسقط هذا في ش، ب.
٢ هذا في ظاهر الأمر، وإلا فالفعل مسند إلى ضميره، والمسند إلى "زيد" جملة الفعل والفاعل.
٣ كذا في ش، ب. وفي أ: "يحتج".

<<  <  ج: ص:  >  >>