للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذلك كقوله ١: حتى الناصبة للفعل وقد تكرر من قوله أنها حرف من حروف الجر وهذا ناف لكونها ناصبة له, من حيث كانت عوامل الأسماء لا تباشر الأفعال فضلًا عن أن تعمل فيها. وقد استقر من قوله في غير مكان ذكر عدة الحروف الناصبة للفعل وليست فيها حتى. فعلم بذلك وبنصه٢ عليه في غير هذا الموضع أن "أن " مضمرة عنده بعد حتى كما تضمر مع اللام الجارة في نحو قوله سبحانه {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ} ونحو ذلك. فالمذهب إذًا هو هذا.

ووجه القول في الجمع بين القولين بالتأويل أن الفعل لما انتصب بعد حتى ولم تظهر هناك "أن " وصارت٣ حتى عوضًا منها ونائبة عنها نسب٤ النصب إلى "حتى " وإن كان في الحقيقة لـ "أن ".

ومثله معنى لا إعرابًا قول الله سبحانه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} . فظاهر هذا تناف بين الحالتين؛ لأنه أثبت في أحد القولين ما نفاه قبله ٥: وهو قوله: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ} . ووجه الجمع بينهما أنه لما كان الله أقدره على الرمي ومكنه منه وسدده له وأمره به فأطاعه في فعله نسب الرمي إلى الله وإن كان مكتسبًا للنبي صلى الله عليه وسلم مشاهدًا منه ٦.

ومثله معنى قولهم: أذن ولم يؤذن, وصلى ولم يصل؛ ليس أن الثاني ناف للأول لكنه لما لم يعتقد الأول مجزئًا لم يثبته صلاة ولا أذانًا.


١ يريد سيبويه. يقول في ص٤١٣ ج١: "اعلم أن حتى تنصب على وجهين".
٢ انظر ص٤٠٧ ج١ من الكتاب.
٣ كذا بواو العطف في ج. وسقطت في سائر الأصول.
٤ كذا في ش، ب. وفي أ. "نسبت".
٥ كذا في ش، ب، وفي أ: "قبيلة".
٦ كذا في أ. وفي ش، ب: "منه وله".

<<  <  ج: ص:  >  >>