للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعو على غنم رجل فقال: اللهم ضبعًا وذئبًا فقلنا ١ له: ما أردت؟ فقال: أردت: اللهم اجمع فيها ضبعًا وذئبًا كلهم يفسر ما ينوي.

فهذا تصريح منهم بما ندعيه عليهم وننسبه إليهم.

وسألت الشجري٢ يومًا فقلت: يا أبا عبد الله كيف تقول ضربت أخاك؟ فقال: كذاك. فقلت: أفتقول: ضربت أخوك فقال: لا أقول: أخوك أبدًا. قلت: فكيف تقول ضربني أخوك فقال: كذاك. فقلت: ألست زعمت أنك لا تقول: أخوك أبدًا؟ فقال أيش ذا! اختلفت جهتا الكلام. فهل هذا في معناه إلا كقولنا نحن: صار المفعول فاعلا وإن لم يكن بهذا اللفظ البتة, فإنه هو لا محالة.

ومن ذلك ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أن قومًا من العرب أتوه فقال لهم: "من أنتم" , فقالوا: نحن بنو غيان٣، فقال: "بل أنتم بنو رشدان" ٤. فهل هذا إلا كقول أهل الصناعة: إن الألف والنون زائدتان وإن كان -عليه السلام- لم يتفوه بذلك غير أن اشتقاقه إياه من الغي بمنزلة قولنا نحن: إن الألف


١ في الكتاب: "وإذا سألتهم ما يعنون قالوا: اللهم اجمع أو اجعل فيها ضبعا وذئبا". وترى من هذا أن ابن جني لم يكن أمامه الكتاب إذ ينقل هذا، وإنما ينقل على حفظه، أو أن الكتاب منه عدة نسخ مختلفة.
٢ سبق له في ص٧٧ نسبة هذه القصة إلى أبي عبد الله محمد بن العساف العقيلي. فهل هما واحد؟ أم تكررت القصة معهما؟
٣ هؤلاء حي من جهينة، منهم بسبس بن عمرو، وكعب بن حمار ممن شهدوا بدرا. وفي الإصابة في ترجمة بسبسة بن عمرو -وهو بسبس- إذ ساق نسبه ترى في آبائه رشدان، وهو غيان هذا. وقد غير الرسول -صلوات الله وسلامه عليه- سوى هذا مما فيه لفظ الغي إلى ما فيه الرشد. ففي سنن أبي داود: "وسمى بني مغوية بني رشدة", وانظر القاموس وشرحه والإصابة، وسنن أبي داود في "باب في تغيير الأسماء" من كتاب الأدب.
٤ هكذا بفتح الراء وهو المناسب لغيان، قال في اللسان "وضبطه قوم بكسر الراء"، وقد جاء هذا الضبط في أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>