للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا رجل, واطمئنّ يا غلام: إن الأصل اشدُد, واضنَن, وافرِر, واستعدِد, واصطبِب واطمأنِن ومع هذا فهكذا١ لغة أهل الحجاز وهي اللغة الفصحى القدمى. ويؤكد ذلك قول الله سبحانه: {فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ} أصله٢ استطاعوا فحذفت التاء لكثرة الاستعمال ولقرب التاء من الطاء وهذا الأصل مستعمل ألا ترى أن عقيبه قوله تعالى {وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا} . وفيه لغة أخرى؛ وهي: استعت بحذف الطاء كحذف التاء ولغة ثالثة: أسطعت بقطع الهمزة مفتوحة ولغة رابعة: أستعت مقطوعة الهمزة مفتوحة أيضًا. فتلك خمس لغات: استطعت واسطعت واستعت وأسطعت وأستعت. وروينا بيت الجران٣:

وفيك إذا لاقيتنا عجرفية ... مرارًا فما نستيع من يتعجرف٤

بضم حرف المضارعة وبالتاء.

ومن ذلك اسم المفعول من الثلاثي المعتل العين نحو مبيع ومخيط ورجل مدين من الدين. فهذا كله مغير. وأصله مبيوع ومديون ومخيوط, فغير على ما مضى. ومع ذلك فبنو تميم -على ما حكاه أبو عثمان٥ عن الأصمعي- يتمون مفعولا من الياء فيقولون: مخيوط ومكيول؛ قال٦:


١ كذا في أ. وفي ش، ب: "فكذا".
٢ كذا في أ. وفي ش، ب: "وأصله".
٣ هو جران العود النميري، وهذا لقبه. واسمه عامر بن الحارث بن كلفة.
٤ هذا من قول من يتغزل فيها له. تقول: إنك تلقانا بالجفاء، وهذا شديد علينا يصف مكانته عندها، والعجرفية: الجفوة في الكلام. والبيت من قصيدة له طويلة. وانظر الديوان ١٧.
٥ عبارة المازني في تصريفه ٢٦٠ نسخة التيمورية: "وبنو تميم -فيما زعم علماؤنا- يتمون مفعولا من الياء، فيقولون: مبيوع ومسيور به، وفي ص٢٦٣ بعد أن أورد من الشواهد "مطيوبة" و"مغيوم" يقول: "أخبرني أبو زيد أن تميما تقول ذلك، ورواه الخليل وسيبويه، ترى أن أبا عثمان لم يرو هذه اللغة عن الأصمعي. بلى روى الشاهد الآتي عن الأصمعي، وهو الذي فيه "مطبوبة" على ما يأتي في الكلام على الشواهد الآتية.
٦ هو العباس بن مرداس السلمي يخاطب كليب بن عييمة السلمي في قصة جرت بينهما. وانظر شرح شواهد الشافية للبغدادي ٣٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>