للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظير هذا عندي قول طرفة:

في جفان تعتري نادينا ... وسديف حين هاج الصِنَّبِر١

يريد الصِنَّبر فاحتاج للقافية إلى تحريك الباء فتطرق إلى ذلك بنقل حركة الإعراب إليها تشبيهًا بباب قولهم: هذا بكر ومررت ببكر وكان يجب على هذا أن يضم الباء فيقول: الصَنَّبُر لأن الراء مضمومة إلا أنه تصور معنى إضافة الظرف إلى الفعل فصار إلى أنه كأنه قال: حين هيج الصنبر فلما احتاج إلى حركة الباء تصور معنى الجر فكسر الباء وكأنه قد نقل الكسرة عن الراء إليها. ولولا ما أوردته في هذا لكان الضم مكان الكسر ٢. وهذا أقرب مأخذًا من أن تقول: إنه حرّف القافية للضرورة كما حرفها الآخر في قوله ٣:

هل عرفت الدار أم أنكرتها ... بين تبراك فشسَّى عبقُر٤

في قول من قال: أراد عبقر٥، ثم حرف الكلمة. ونحوه في التحريف قول العبد٦:


١ الصنبر: الريح الباردة. والسديف: السنام أو شحمه. والبيت من قصيدة له في الديوان ٦٣ مطلعها:
أصحوت اليوم أم شاقتك هر ... ومن الحب جنون مستعر
٢ ألف البدر الدماميني في قول طرفة هذا: "حين هاج الصنبر" بفاعل للفعل مجرور، وأجاب عنه الشيخ السجاعي بمضمون كلام ابن جني، ولم ينسب هذا إلى ابن جني فعابه عليه الجبرتي. انظر هذا في تاريخ الجبرتي في ترجمة السجاعي في الجزء الثاني ص٨٠ وانظر كتابه الأمير على المغني في مبحث الجملة الرابعة من الجمل التي لها محل من الإعراب في الباب الثاني.
٣ أي المرار العدوي كما في معجم البلدان في عبقر.
٤ تراك وعبقر موضعان و"شسي" تثنية شس، هو المكان الغليظ.
٥ ومن اللغويين من يقول: أراد: عيقر. انظر اللسان في "عبقر".
٦ هو سحيم عبد بني الحسحاس. وهو من قصيدة له في الديوان المطبوع في دار الكتب المصرية ص٤٢ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>