للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: منع من ذلك أن الفعل إذا أزيل ماضيه عن أصله سرى ذلك في مضارعه وإذا اعتل مضارعه سرى ذلك في ماضيه إذ كانت هذه المثل تجري عندهم مجرى المثال الواحد ألا تراهم١ لما أعلوا "شقي " أعلوا أيضًا مضارعه فقالوا يشقيان: ولما أعلوا "يغزي " أعلوا أيضًا أغزيت ولما أعلوا "قام " أعلوا أيضًا يقوم. فلذلك لم يقولوا: سليت تسلو فيعلوا الماضي ويصححوا المضارع.

فإن قيل: فقد قالوا: محوت تمحى وبأوت تبأى وسعيت تسعى ونأيت تنأى فصححوا الماضي وأعلوا المستقبل.

قيل: إعلال الحرفين إلى الألف لا يخرجهما كل الإخراج عن أصلهما؛ ألا ترى أن الألف حرف ينصرف إليه عن الياء والواو جميعًا فليس للألف خصوص بأحد حرفي العلة فإذا قلب واحد منهما إليه فكأنه مقر على بابه٢؛ ألا ترى أن الألف لا تكون أصلا في الأسماء ولا الأفعال وإنما هي مؤذنة بما هي بدل منه وكأنها هي هو وليست كذلك الواو والياء لأن كل واحدة منهما قد تكون٢ أصلا كما تكون٣ بدلا. فإذا أخرجت الواو إلى الياء اعتد ذلك؛ لأنك أخرجتها إلى صورة تكون الأصول عليها والألف لا تكون أصلا أبدًا فيهما٤، فكأنها هي ما قلبت عنه البتة فاعرف ذلك فإن أحدًا من أصحابنا لم يذكره.

ومما يدلك٥ على صحة الحال في ذلك أنهم قالوا: غزا يغزو ورمى يرمي، فأعلوا الماضي بالقلب ولم يقلبوا المضارع لما كان اعتلال لام الماضي إنما هو بقلبها ألفًا والألف لدلالتها على ما قلبت عنه كأنها٦ هي هو، فكأن لا قلب هناك: فاعرف ذلك.


١ كذا في ش، ب. وفي أ: "ترى".
٢ كذا في أوفي غيرها: "بابه الأول".
٣ كذا في ش، ب. وفي أ: "يكون".
٤ أي في الأسماء والأفعال.
٥ كذا في أ. وفي ش، ب: "يدل".
٦ الضمير للقصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>