للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مشابهته له أن يوافق أمثلة القوم، كما كان المناب عنه مثالًا من مثلهم أيضًا، ألا ترى أن الخليل لما رتَّب أمر أجزاء العروض المزاحفة، فأوقع للزحاف مثالًا مكان مثالٍ عدل عن الأول المألوف الوزن إلى آخر مثله في كونه مألوفًا, وهجر ما كان بقَّتْه صنعة الزحاف من الجزء المزاحف مما١ كان خارجًا عن أمثلة لغتهم.

وذلك أنه لما طوى٢ "مُسْ تَفْ عِلُنْ " فصار إلى "مُسْ تَعِلُن " ثناه إلى مثال معروف وهو "مفتعلن" لما كره "مُسْتَعِلُنْ" إذ كان غير مألوف ولا مستعمل. وكذلك لما ثرم٣ "فَعُولُنْ" فصار إلى "عُولُ" وهو مثال غير معروف عدله إلى "فَعْلُ"٤. وكذلك لما خبل٥ "مُسْتَفْعِلُنْ" فصار إلى "مُتَعِلُنْ" فاستنكر ما بقي منه جعل خالفة الجزء "فَعَلَتُنْ" ليكون ما صيِّر إليه مثالًا مألوفًا, كما كان ما انصرف عنه مثالًا مألوفًا. ويؤكد ذلك عندك أن الزحاف إذا عرض في موضع فكان ما يبقى بعد إيقاعه مثالًا معروفًا لم يستبدل به غيره. وذلك كقبضه٦ "مفاعلين" إذا صار إلى "مفاعلن", وككفه٧ أيضًا لما صار إلى "مفاعيل", فلما كان ما بقي عليه الجزء بعد زحافه مثالًا غير مستنكر أقرَّه على صورته ولم يتجشَّم تصوير مثال آخر "غيره"٨ عوضًا منه, وإنما أخذ الخليل بهذا لأنه أحزم وبالصنعة أشبه.


١ كذا في أ. وفي ش، ب: "لما".
٢ الطيّ من أضرب الزحاف. وهو حذف الساكن الرابع من التفعيلة، وهو هنا الفاء.
٣ الترم في "فعولن": حذف فائه -ويسمى خرمًا- مع حذف نونه، ويسمى قبضًا.
٤ كذا في أ. وفي ش، "فطن" والصواب ما أثبت.
٥ الخبل في "مستفعلن": حذف تائه بالخبن، مع حذف سينه بالطي.
٦ القبض: حذف الخامس الساكن، وهو في "مفاعيلن" حذف الياء.
٧ الكف: سقوط السابع الساكن. وهو في "مفاعلين"، حذف النون.
٨ كذا في ش، ب. وسقط هذا في أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>