للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَعَل, فلما صار اللفظ بهم إلى هذا بنى الشاعر على ظاهر أمره فاعلًا منه, فقال حين ماتت نساؤه بعضهن إثر بعض:

غدا مالك يرمي نسائي كأنما ... نسائي لسهمي مالكٍ غَرَضَان١

يعني: ملك الموت ألّا تراه يقول بعد هذا:

فيا رب عَمِّر لي جهيمة أعصرًا ... فمالك الموت بالقضاء دهاني

وهذا ضرب من تدريج اللغة, وقد تقدَّم الباب٢ الذي ذكرنا فيه طريقه في كلامهم, فليضمم هذا إليه فإنه كثير جدًّا.

ومثل قوله: "فاحْدُهُنَّ" في أنه مقلوب من "وحد" قول الأعرابية: "أخاف أن يَجُوهَني" "وهو"٣ مقلوب من الوجه.

فأما وزن "مالك" على الحقيقة فليس فاعلًا, لكنه "مافل" ألا ترى أن أصل "مَلَك" ملأك: مفعل من تصريف ألكني إليها عَمْرَكَ الله, وأصله ألئكني, فخففت همزته فصار ألكني٤، كما صار "ملأك" بعد التخفيف إلى ملك ووزن مَلَك "مَفَل".

ومن طريف المقلوب قولهم للقطعة الصعبة من الرمل "تَيْهُورة" وهي عندنا "فَيْعُولة" من تهور الجرف وانهار الرمل ونحوه, وقياسها أن تكون قبل تغييرها


١ ورد هذان البيتان في اللسان في "ألك", وفيه ضبط مالك بفتح اللام. وضبط في أ، ج، بكسر اللام, وفي اللسان "جهينة" بدل "جهيمة", وقد ورد في اللسان "لأك", وظاهره نسبته إلى رويشد.
٢ انظر ص٣٤٨، من الجزء الأول من هذا الكتاب.
٣ كدا في ش، ب. وسقط في أ.
٤ هو صدر بيت ذكره ابن جني في أغلاط العرب من الخصائص، وهو:
ألكني إليها عمرك الله يا فتى ... بآية ما جاءت إلينا تهاديا

<<  <  ج: ص:  >  >>