للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كبسها. وقالوا: صهل, كما قالوا: زأر. وقالوا: الهتْر, كما قالوا: الإدل١, وكلاهما العجب. وقالوا: كلف به, كما قالوا: تقرب منه. وقالوا: تجعد, كما قالوا: شحط, وذلك أن الشيء إذا تجعَّد وتقبَّض عن غيره شحط وبعد عنه, ومنه قول الأعشى:

إذا نزل الحي حلّ الجحيش ... شقيًّا غويًّا مبينًا غيورا٢

وذاك من تركيب "ج ع د " , وهذا من تركيب "ش ح ط ", فالجيم أخت الشين, والعين أخت الحاء, والدال أخت الطاء. وقالوا: السيف والصوب, وذلك أن السيف يوصف بأنه يرسب في الضريبة لحدته ومضائه, ولذلك قالوا: سيف رسوب, وهذا هو معنى صاب يصوب إذا انحدر. فذاك من "س ي ف " , وهذا من "ص وب ", فالسين أخت الصاد, والياء أخت الواو, والفاء أخت الباء. وقالوا: جاع يجوع, وشاء يشاء, والجائع مريد للطعام لا محالة, ولهذا يقول المدعوّ إلى الطعام إذا لم يجب: لا أريد ولست أشتهي ونحو ذلك, والإرادة هي المشيئة. فذاك من "ج وع ", وهذا من "ش ي أ " , والجيم أخت الشين, والواو أخت الياء, والعين أخت الهمزة. وقالوا: فلان جلس بيته إذا لازمه. وقالوا: أرز إلى الشيء إذا اجتمع نحوه وتقبَّض إليه, ومنه: إن٣ الإسلام ليأرز إلى المدينة, وقال ٤:

بآرزة الفقارة لم يخنها ... قطاف في الركاب ولا خلاء


١ هذا صحيح في الهتْر، جاءت به اللغة "فأمّا الإدل فهو وجع يأخذ في العنق، وهو أيضًا اللبن الخائر الشديد الحموضة، ولم أقف على وروده للعجب, وهو محرّف عن الأدب.
٢ المعروف في الرواية:
حريد المحل غويًّا غيورًا
وهو في وصف رجل غيور على امرأته، فإذا نزل بها في السير اعتزل القوم بها, وانظر الصبح المنير ٦٨، واللسان "جحش", والجحيش يروى بالنصب على الظرفية, أي: المكان المنفرد، ويروى بالرفع, أي: زوجها المعتزل بها عن الناس.
٣ هذا الحديث في البخاري في "فضائل المدينة" بلفظ: "إن الإيمان....".
٤ أي: زهير.
٥ "آرة الفقارة" أي: قوية، وهو من وصف الناقة، وذلك أن فقارها آرز: متداخل مجتمع، وذلك من قوتها, "ولم يختها": لم ينقصها، والقطاف: مقاربة الحطر، والخلاء في الإبل كالحران في الدواب, وانظر الديوان بشرح ثعلب, طبعة دار الكتب ٦٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>