للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فالأصول نحو قولهم: طعم ووهب, ودخل وخرج, وصعد ونزل. فهذا إخبار بأصول فاجأت عن أفعال وقعت, ولم يكن معها دلالة تدل على طلب لها ولا إعمال فيها. وكذلك ما تقدمت الزيادة فيه على سمت الأصل نحو: أحسن وأكرم وأعطى وأولى. فهذا من طريق الصنعة١ بوزن الأصل في نحو: دحرج وسرهف وقوقى وزوزى. وذلك أنهم جعلوا هذا الكلام عبارات عن هذه المعاني, فكلما ازدادت العبارة شبهًا بالمعنى كانت أدلّ عليه وأشهد بالغرض فيه.

فلمّا كانت إذا ٢فأجأت الأفعال فاجأت أصول المثل الدالة عليها, أو ما جرى مجرى أصولها نحو: وهب ومنح وأكرم وأحسن, كذلك إذا أخبرت بأنك سعيت فيها وتسببت لها, وجب أن تقدم أمام حروفها الأصول في مثلها الدالة عليها أحرفًا زائدة على تلك الأصول, تكون كالمقدمة لها, والمؤدية إليها.

وذلك نحو: استفعل, فجاءت الهمزة والسين والتاء زوائد, ثم وردت بعدها الأصول: الفاء والعين واللام. فهذا من اللفظ وفق المعنى الموجود هناك, وذلك أن الطلب للفعل والتماسه والسعي فيه والتأتي٣ لوقوعه تقدمه, ثم وقعت الإجابة إليه فتبع الفعل السؤال فيه والتسبب لوقوعه. فكما تبعت أفعال الإجابة أفعال الطلب كذلك تبعت حروف الأصل الحروف الزائدة التي وضعت للالتماس والمسألة. وذلك نحو استخرج واستقدم واستوهب واستمنح واستعطى واستدنى, فهذا على سمت الصنعة التي تقدَّمت في رأي الخليل وسيبويه, إلّا أن هذه أغمض من تلك. غير أنها وإن كانت كذلك فإنها منقولة عنها ومعقودة٤ عليها.


١ كذا في أ، ب. وفي ش: "الصيغة".
٢ كذا في أ، وفي ش، ب: "إذ".
٣ كذا في ب. وفي ش، أ: "الثاني" وهو تصحيف.
٤ كذا في ش، ب. وفي أ: "مقردة".

<<  <  ج: ص:  >  >>