للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثله أيضًا من وصف الفرس:

بنيت معاقمها على مطوائها١

أي: كأنَّها تمطت, فلمَّا تناءت أطرافها ورحبت شحوتها٢ صيغت على ذلك.

ومن ذلك قولهم: ما أدري أأذّن أو أقام, إذا قالها بأو لا بأم. فهو أنه لم يعتدّ أذانه أذانًا, ولا قال: فمثل ذلك قول عبيد ٣:

أعاقر كذات رحم ... أم غانم كمن يخيب

فكان ينبغي أن يعادل بقوله: ذات رحم، نقيضتها, فيقول: أغير ذات رحم كذات رحم, وهكذا أراد لا محالة, ولكنه جاء بالبيت على المسألة٤. وذلك أنه لما لم تكن العاقر ولودًا صارت وإن كانت ذات رحم كأنها لا رحم لها, فكأنه قال: أغير ذات رحم كذات رحم, كما أنه لما لم يوفِّ أذانه ولا إقامته حقهما لمن يثبت له واحدًا منهما؛ لأنه قاله بأو, ولو قال: ما أدري أأذَّن أم أقام "بأم"٥ لأثبت له أحدهما لا محالة.

ومن ذلك قول النحويين: إنهم لا يبنون من ضرب وعلم, وما كانت عينه لامًا أو راء مثل: عنسل. قالوا: لأنّا نصير به إلى ضنرب وعنلم, فإن أدغمنا ألبس بفعل, وإن أظهرنا النون قبل الراء واللام ثقلت, فتركنا بناءه أصلًا. وكان ينشد في هذا المعنى قوله ٦:


١ شطر بيت للمسيب بن علس صدره:
بمحالة تقص الذباب بطرفها
وانظر المصباح المنير ٣٤٩, والمعاقم فقر في مؤخر الصلب. ويقال: فرس مدلوك المعاقم, أي: ليس برهل, والمطواء النمطي. والمحالة: الشديدة المحلل, أي: الفقار، ووقصها الذاب أنها تقتله إذا دنا منه. وقد نسب ابن قتيبة في معانيه ١/ ٤٤ البيت إلى المرقش, وأورد قبله:
ومغيرة تسج الجنوب شهدتها ... تمضي سوابقها على غلوائها
٢ الشحوة: الخطوة.
٣ يريد عبيد بن الأوص, والبيت في معلقته.
٤ يريد بالمسألة ما أسلفه: أن الشيء إذا لم يوفّ ما يتوقع منه فكأنه لم يكن.
٥ ما بين القوسين ساقط من أ.
٦ أي: الأعشى، وانظر الصبح المنير ١٢٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>