للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن المتحرك حشوا ليس كالمتحرك أولًا أولا ترى إلى صحة جواز تخفيف الهمزة حشوًا وامتناع جواز تخفيفها أولًا وإذا اختلفت أحوال الحروف حسن التأليف وأما إن كانت عين الثلاثي ساكنة فحديثها غير هذا. وذلك أن العين إذا كانت ساكنة فليس سكونها كسكون اللام. وسأوضح لك حقيقة ذلك لتعجب من لطف غموضه. وذلك أن الحرف الساكن ليست حاله إذا أدرجته١ إلى ما بعده كحاله لو وقفت عليه. وذلك لأن من الحروف حروفًا٢ إذا وقفت عليها لحقها صويت ما من بعدها فإذا أدرجتها إلى ما بعدها ضعف ذلك الصويت وتضاءل للحس نحو قولك: اِح٣ اِص اِث اِف اِخ٤ اِك. فإذا قلت: يحرد ويصبر ويسلم٥ ويثرد ويفتح ويخرج خفى ذلك الصويت وقل وخف ما كان له من الجرس عند الوقوف عليه. وقد تقدم٦ سيبويه في هذا المعنى بما هو معلوم واضح. وسبب ذلك عندي أنك إذا وقفت عليه ولم تتطاول إلى النطق بحرف آخر من بعده تلبثت عليه ولم تسرع الانتقال عنه فقدرت بتلك اللبثة٧ على إتباع ذلك الصوت إياه. فأما إذا تأهبت للنطق بما بعده وتهيأت له ونشمت٨ فيه فقد


١ أي وصلته، وإدراج الحرف وصله؛ من الإدراج وهو الطي واللف، فكأنك إذا وصلت الحرف فقد طويته ولم تنشره وتبرزه. والدرج في ذلك كالإدراج.
٢ يريد حروف الهمس، ويقول ابن جني في "أغلاط العرب" من هذا الكتاب في الحديث عن الحاء: "فضلا عن أن يعلم أنها من الحروف المهموسة، وأن الصوت يلحقها في حال سكونها والوقف عليها ما لا يلحقها في حال حركتها أو إدراجها في حال سكونها في نحو بحر وحر".
٣ كذا جعلتها مهملة وفي بعض الأصول: "اج" بالمعجمة. وفي بعضها الحرف غير واضح وهو لا يوافق التمثيل الآتي، والجيم حرف مجهور شديد لا يلحقه صويت.
٤ كذا في ب، ش، وفي أ: "اح".
٥ يلاحظ في التمثيل أنه أتى بيسلم ولم يذكر "اس"، ولم يمثل لما فيه الكاف.
٦ أي سبق. وفي المطبوعة: "قول سيبويه".
٧ هي التوقف.
٨ نشم في الشيء: ابتدأ فمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>