للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبيت أمية:

بالوارث الباعث الأموات قد ضمنت ... إياهم الأرض في دهر الدهارير١

وكذلك قد يستعمل المتصل موضع المنفصل؛ نحو قوله:

فما نبالي إذا ما كنت جارتنا ... ألّا يجاورنا إلّاك ديار١

فإن قلت: زعمت أن المتصل آثر في نفوسهم من المنفصل, وقد ترى إلى أكثر استعمال المنفصل موضع المتصل, وقلة استعمال المتصل موضع المنفصل, فهلّا دلَّك ذلك على خلاف مذهبك؟

قيل: لمَّا كانوا متى قدروا على المتَّصل لم يأتوا مكانه بالمنفصل, غلب حكم المتصل, فلمَّا كان كذلك عوَّضوا منه أن جاءوا في بعض المواضع بالمنفصل في موضع المتصل, كما قلبوا الياء إلى الواو في نحو٢: الشروي والفتوي؛ لكثرة دخول الياء على الواو في اللغة.

ومن ذلك قولنا: ألا قد كان كذا, وقول الله سبحانه: {أَلا إِنَّهُمْ يَثْنُونَ صُدُورَهُمْ} ٣ ف"ألا" هذه فيها هنا شيئان: التنبيه وافتتاح الكلام, فإذا جاءت٤ معها "يا" خلصت افتتاحًا "لا غير"٥, وصار التنبيه الذي كان فيها ل"يا" دونها. وذلك نحو٦ قول الله -عز اسمه: "أَلَا يَسْجُدُوا لِلَّهِ"٧ وقول الشاعر:

ألا يا سنا برق على قُلَل الحمى ... لهنَّك من برق علي كريم٨


١ انظر ص٣٠٨ من الجزء الأول.
٢ سقط في ش، ب.
٣ آية: ٥ سورة هود.
٤ في ش، ب: "جاء".
٥ في أ: "لا غيره".
٦ سقط في أ.
٧ آية: ٢٥، سورة النمل. والاستشهاد بالآية على تخفيف ألا, وهي قراءة الكسائي وأبي جعفر وابن عباس وآخرين. وقراة العامة: {أَلَّا يَسْجُدُوا لِلَّهِ} ، بتشديد "ألّا".
٨ انظر ص٣١٦ من الجزء الأول.

<<  <  ج: ص:  >  >>