للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيء ووفرته. وقال الأصمعيّ: رفع البعير ورفعته -في السير المرفوع- وقالوا: نفى الشيء ونفيته, أي: أبعدته, قال القطامي ١:

فأصبح جاراكم قتيلًا ونافيا

ونحوه: نكرت البئر ونكرتها٢, أي: أقللت ماءها ونزفت ونزفتها.

فهذا كله شاذ عن القياس وإن كان مطردًا في الاستعمال, إلا أنَّ له عندي وجهًا لأجله جاز. وهو أن كل فاعل غير القديم سبحانه, فإنما الفعل منه شيء أعيره وأعطيه, وأقدر عليه, فهو وإن كان فاعلًا فإنه لما كان معانًا مقدرًا صار كأن فعله لغيره, ألا ترى إلى قوله سبحانه: {وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} ٣ نعم, وقد قال بعض الناس: إن الفعل لله, وإن العبد مكتسبه, وإن كان هذا خطأ عندنا فإنه قول لقوم. فلما كان قولهم: غاض الماء أن غيره أغاضه, وإن جرى لفظ الفعل له تجاوزت العرب ذلك إلى أن أظهرت هناك فعلًا بلفظ الأول متعديًا؛ لأنه قد كان فاعله في وقت فعله إياه إنما هو مشاء٤ إليه أو معان عليه. فخرج اللفظان لما ذكرنا خروجًا واحدًا. فاعرفه٥.


١ كذا نسبه اللسان "نفى" في القطامي. وفي ديوان القطامي ٨٠ نسبته في بيتين إلى الأخطل في قصة. والبيتان هما:
لو كان حبل ابني طريف معلقًا ... بأحقى كرام أحدثوا فيهما أمرَا
أأصبح جراهم قتيلًا ونافيًا ... أصم فزادوا في مسامعه وقرا
وفي ديوانه ٢٧١ البيت هكذا من قصيدة للأخطل:
لقد كان جاراهم قتيلًا وخائفًا ... أصم فقد زادوا مسامعه وقرا
٢ الوارد في اللسان "نكزها" بالتشديد بضبط القلم.
٣ آية: ١٧، سورة الأنفال.
٤ هو وصف من أشاءه إلى الشيء: ألجأه إليه، وهو لغة في أجاءه، وتنسب إلى تميم. وانظر القاموس وشرحه "شبأ".
٥ إلى هنا تنتهي نسخة أ.

<<  <  ج: ص:  >  >>