للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قيل: إن العرب لما قوي في أنفسها أمر المفعول حتى كاد يلحق عندها برتبة الفاعل, وحتى١ قال سيبويه فيهما: "وإن كانا٢ جميعًا يهمّانهم ويعنيانهم " خصّوا المفعول إذا أسند الفعل إليه بضربين من الصنعة ٣: أحدهما: تغيير صورة٤ المثال مسندًا إلى المفعول, عن صورته مسندًا إلى الفاعل, والعدة واحدة, وذلك نحو: ضرب "زيد"٥ وضرب وقتل وقتل وأكرم وأكرم ودحرج ودحرج. والآخر: أنهم لم يرضوا ولم يقنعوا بهذا القدر من التغيير حتى تجاوزوه إلى أن غيروا عدّة الحروف مع ضمِّ أوله, كما غيَّروا في الأول الصورة والصيغة٦ وحدها. وذلك نحو٧ قولهم: أحببته وحُبَّ, وأزكمه الله وزكم, وأضأده الله وضئد, وأملاه الله وملئ.

قال أبو علي: فهذا٨ يدلك على تمكن المفعول عندهم، وتقدّم٩ حاله في أنفسهم، إذ١٠ أفردوه بأن صاغوا الفعل له صيغة مخالفة لصيغته وهو للفاعل.

وهذا ضرب من تدريج اللغة عندهم الذي قدمت١١ بابه، ألا ترى أنهم لما غيروا الصيغة والعدة واحدة في نحو: ضَرَب وضُرب و"شَتَم وشُتِم"١٢ تدرجوا من ذلك إلى أن غيروا الصيغة مع نقصان العدة نحو: أزكمه١٣ الله وزكم، وآرضه١٣ الله وأرض.


١ سقط حرف العطف في د، هـ.
٢ انظر ص١٥ ج١ من "الكتاب".
٣ في د، هـ، اللسان: "الصيغة".
٤ د، هـ، اللسان: "الصيغة".
٥ زيادة في د، هـ.
٦ كذا في د، هـ، اللسان، وفي ش: "الصنعة".
٧ زيادة في د، هـ.
٨ د، هـ: "وهذا".
٩ د، هـ: "تقرير".
١٠ ش: "إذا". وما هنا في ج.
١١ انظر ص٣٤٨ من الجزء الأول.
١٢ د، هـ: "شرب، وشرب".
١٣ زيادة في د، هـ.

<<  <  ج: ص:  >  >>