للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: من يتكل عليه. فحذف "عليه" هذه, وزاد "على" متقدّمة, ألا ترى أنه يعتمل١ إن لم يجد من يتكل عليه. وندع ذكر قول غيره ههنا. وكذلك قول الآخر ٢:

أولى فأولى يا امرأ القيس بعدما ... خصفن بآثار المطيّ الحوافرا

أي: خصفن بالحوافر آثار المطيّ, يعني: آثار أخفافها. فحذف الباء من "الحوافر", وزاد أخرى عوضًا منها في "آثار المطي".

هذا على قول من لم يعتقد القلب, وهو أمثل, فما وجدت مندوحة عن القلب لم ترتكبه.

وقياس هذا الحذف والتعويض قولهم: بأيهم تضرب أمرر, أي: أيهم تضرب أمرر به.


١ هذا ما فهمه ابن جني في كلام سيبويه. وفهم الناس قديمًا فيه أنه: إن لم يجد على من يتكل عليه؛ نحو بمن تمرّ أمر به، فحذف "عليه", وقد اعترض على سيبويه في هذا أن "يجد" لا يتعدَّى بالحرف "على"؛ إذ هو متعدٍّ بنفسه. وانظر الخزانة ٤/ ٢٥٢.
٢ هو مقاس العائذيّ, والبيت من قصيدة مفضَّلية يتوعَّد فيها أمرأ القيس بن بحر بن زهير بن جناب الكلبي، فقوله: "أولى فأولى" توعّد. وقوله: "خصفن" أي: الخيل, أي: تبعت الإبل - وهي المعنى بالمطي. وذلك على أن الإبل تسبق الخيل، وذلك ما كانوا يفعلون, ومن معاني الخصف الخرؤ والستر, فكأن السائر خلف آخر يستر أثره ويخصفه. وقد فسّر البيت على نسبة الخصف إلى الإبل, أي: إن الإبل تتبع الخيل. ويبدو أنه على هذا لا حذف ولا قلب. وانظر اللسان "خصف" وشرح المفضليات.

<<  <  ج: ص:  >  >>