للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الميم. فهذا١ على الحقيقة هو الأصل الأول. فأما ضمّ ذال منذ فإنما هو في الرتبة بعد سكونها الأول المقدر. ويدلّك٢ على أن حركتها إنما هي لالتقاء الساكنين أنه لما زال التقاؤهما سكنت الذال فلي مذ. وهذا واضح. فضمَّتك الذال إذًا من قولهم: مذُ اليوم, ومذُ الليلة, إنما هو ردٌّ إلى الأصل الأقرب الذي هو "مُنْذُ", دون الأبعد المقدَّر الذي هو سكون الذال في "مُنْذُ" قبل أن يحرك فيما بعده.

ولا يستنكر٣ الاعتداد بما لم يخرج إلى اللفظ؛ لأن الدليل إذا قام على شيء كان في حكم الملفوظ به, وإن لم يجر على ألسنتهم استعماله, ألا ترى إلى قول سيبويه في سودد ٤: إنه إنما ظهر تضعيفه لأنه ملحق بما لم يجئ. هذا وقد علمنا أن الإلحاق إنما هو صناعة لفظية, ومع هذا فلم يظهر ذاك الذي قدره ملحقًا هذا به, فلولا أن ما يقوم الدليل عليه مما لم يظهر إلى النطق به٥ بمنزلة الملفوظ به لما ألحقوا سُرْدَدا وسُودَدا٦ بما لم يفوهوا٧ به، ولا تجشموا استعماله.

ومن ذلك قولهم: بعت وقلت, فهذه معاملة على الأصل الأقرب دون الأبعد، ألا ترى أن أصلهما فعل بفتح٨ العين: بَيعَ وقَوَل, ثم نقلا فَعَل إلى فِعْل


١ في د، هـ، ز: "وهو".
٢ في د، هـ، ز: "يدل".
٣ في د، هـ، ز: "تستنكر".
٤ كذا في ش، وفي ز: "سردد", وسردد: موضع. وابن جني يريد أن سوددا -بفتح الدال الأولى- ملحق؛ إذ لولا هذا لجرى فيه الإدغام، ولا يثبت البصر يرون من أوزان الرباعي فعللا -بفتح اللام الأولى- حتى يلحق به, فمن ثَمَّ جعل ابن جني سيبويه إذ يقول بالإلحاق في نحو: سودد, يقول بالإلحاق بما لم يستعمل, وسيبويه في الكتاب ٢/ ٤٠١ يجعل فعددا -ومثله سودد- ملحقًا بجندب وعنصل، وهما مزيدان. ومعنى هذا أن الإلحاق عند سيبويه يجوز أن يكون بالمزيد، وعلى هذا يكون سودد ملحقًا بما جاء واستعمل.
٥ سقط في د، هـ، ز.
٦ سقط في د، هـ، ز.
٧ في د، هـ، ز: "يتفوّهوا".
٨ في د، هـ، ز: "بفتحة".

<<  <  ج: ص:  >  >>