الشعور "بالضمير" وقالوا إنه هو الذي يقف من المرء موقف الرقيب، يحثه على أداء الصالح، وينهاه عن فعل الضار، ويعاوده بعد أداء الأعمال مستنكرا منه سوء عمله، مرضيا له عن جميل فعله "وهو ما يسمى براحة الضمير"، فلا توجد أخلاق بلا ضمير، سواء اعتبرنا أصل الأخلاق سلطة خارجية دينية أو اجتماعية أو قانونية، أو اعتبرنا أصل الأخلاق هو هذه السلطة النفسية الصادرة عن النزعات الذاتية والأفكار الباطنة، وليس من المتصور فصل الضمير عن الأخلاق، وبالتالي فصلهما معا عن الدين. إذ إن الدين هو محور الشعور الإنساني منذ الطفولة، ومن هذا الشعور يبنى الضمير الذي تقوم عليه دعائم الأخلاق, وما دام الضمير مكتسب من الدين فإننا نرى أن الإسلام يحل الضمير الديني محل الضمير الخلقي بحث يكون محور الشعور ومركز التساؤل "الرقيب" إنما هو الدين، والرسول -صلى الله عليه وسلم- حين سئل عن الإحسان قال:"أإن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك". والقرآن الكريم أصل الدين ومنبع فكره يبين أن الله تبارك وتعالى مطلع على ضمائر الناس. وأنه محاسبهم على ما في ضمائرهم. {وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنْفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ}{وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ}{وَمَا يَعْزُبُ عَنْ رَبِّكَ مِنْ مِثْقَالِ ذَرَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَلَا أَصْغَرَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرَ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِين}{وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} فالضمير له قوة الحث على العمل الصالح، والنهي عن ارتكاب السيئات، ووظيفته الاطلاع والرقابة على الأعمال. والله يعلم السر والجهر، كما يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهو سبحانه الرقيب على الضمير أيضا، ولا يكون الضمير سليم التوجيه والفعل إلا إذا كان مستمدا