يحتاج الأمر منا أولا قبل أن ندخل إلى صلة الدين بالشخصية المتوازنة أن نفسر ما معنى التوازن.
التوازن بالنسبة للإنسان هو أن يستطيع أن يأخذ من مادية الحياة ما يقوم بأمره، كما يأخذ من الروحانية ما يربطه بربه، فالوجود كما نعلم خاضع لقوة إلهية عليا، تلك القوة خلقت الكون متوازنا، فجعلت الليل والنهار، الدفء والبرودة، المطر والجفاف، النجوم والأفلاك. كل هذه المخلوقات مع عظمتها وجبروتها متوازنة لو اختل شيء منها فسدت الحياة وربما ضاع هذا الكون كله.
والإنسان وحده دون هذه المخلوقات كلها، هو صاحب الإرادة الحرة، وله الكثير من الاختيار، لذلك نراه في مواضع متعددة غير متوازن. فهذا عبد للمادة، وذاك أسير لشهواته، وغيرهما منعزل عن الحياة، وإن دل ذلك على شيء فإنما يدل على أن كلا من هؤلاء لم يعرف حقيقة الدين.
فالدين -أي: دين- في جوهره يدعو إلى أن يكون المرء متوازنا، يتصل بالحياة كما يتصل بالله، يعمل لدنياه كما يعد لأخراه والدين الإسلامي بالذات