للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الصوم: من الوجهة الدينية والنفسية والجسدية والاجتماعية

الصوم في الإسلام رياضة روحية يدل عليها الضمير، ذلك الحارس الوحيد الذي يجعل من هذه الرياضة حقيقة واقعة بين العبد وربه. وهو مرتبط بالحاسة الخفية في الإنسان، تلك الحاسة التي تميز الحق من الباطل والزائف من الصحيح, وترتقي بالإنسان فوق رغباته وشهواته، ليدخل طائعا في منطقة الروح حيث الطهر النابع من حريتنا الداخلية العميقة الباطنة، التي أراد الخالق أن تكون طليقة من كل قيد من قيود الهوى، وحفظها من كل دنس، وجعلها مركز الثقل في صاحبها، يحيى بها، ويموت من غيرها، تلك المنطقة هي "روح الإنسان" حيث سريرته، ومناط تفكيره، ومنبع ضميره، ومحور أعماله، وهي مركز المساءلة التي عن فعلها قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى" , والله وحده هو الرقيب عليها، يعلم سرها، ويدرك بعدها ويعرف كل صغيرة وكبيرة من فعلها. لهذا كان الصيام عبادة هامة؛ لأنها تنبع من هذا السر وتتصل به، وتدل عليه وكانت قيمتها عند الله عظيمة حيث يقول في الحديث القدسي: "كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به".

وكما أن للصوم فوائد تتعلق بالروح، فإن له فوائد تتعلق بالجسد لذلك كانت فرضيته عامة على الأغنياء والفقراء معا، فليس المراد من الصوم إشعار

<<  <   >  >>