تطور العلم عبر عصور الحياة في مختلف فروعه، تطورا يتفق وحاجات الإنسان الملحة الدائمة، وبمقدار نضج البشرية كان تقدم العلم وتنوعه، وما زال أمام العلم الكثير -الكثير جدا- يبحث فيه وينقب ليكتشف الجديد مما هو مخبوء في هذا الكون، صنعته القدرة الإلهية ليكون في خدمة الإنسان أكرم مخلوقات الله، وليكون دليلا على أن هذه القدرة العالمة لا حدود لها، وإنها باقية دائمة لها السلطان والقوة، وإليها المستقر والمنتهى.
وليس العلم ضد الدين، بل هو دليل يهدي إليه، ولو استعرضنا تاريخ العلم والعلماء بدون تحيز أو أحقاد، لوجدنا أن العلم منذ أقدم العصور كان وما يزال في خدمة الدين، وأن العلماء الراسخين المنصفين من مختلف الأجناس والملل، هداهم علمهم إلى الدين، وإلى الإيمان بأن وراء هذا الكون قوة عليا تديره وتنظمه، وترعى كل شيء فيه بميزان وحساب. وما ذلك إلا لأن العالم أقدر من غيره على استبانة ما في هذا الكون من ترابط وتناسق وأحكام، يتضح في كل جزء من أجزائه، وفي كل خلية من خلايا أحيائه، وذرة من ذرات جماداته، في نفس الإنسان وعقله في تعدد المخلوقات وتنوعها. في نظام خلق السموات والأرض. في اختلاف الليل والنهار. في الجبال والبحار والأنهار. فيما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها. فيما بث الله في الأرض من الدواب والأحياء في تصريف الرياح والسحاب