للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[أثر العبادة في تربية الإنسان]

العبادة في الإسلام وسيلة للقاء العبد بربه، ذلك اللقاء الذي يتكرر كل يوم في الصلاة خمس مرات، وفي الزكاة والصدقة في كل لحظة، وفي الصيام شهرا من كل سنة، وفي الحج مرة في العمر. هذه اللقاءات بأشكالها وألوانها المختلفة، متقاربة ومتباعدة إنما تعمل على تأديب النفس، وتصفية الروح، وتثقيف العقل وتقوية الجسم. فهي تربي الإنسان تربية روحية، وأخلاقية وعلمية وجسدية، وتحثه دائما على الإيمان بالله. والإقرار بوجوده، والاعتراف باطلاعه على أعماله. وخشيته من جزاء الله العادل على ما يرتكب من خير أو شر. ومع اتصال العبد بربه ومداومته على طاعته. والتقرب إليه في عبادته، يتمثل في ذلك القول "رأس الحكمة مخافة الله" فلا يقدم على عمل أو قول إذا وثق أن في هذا رضا الله ورحمته. ومن هنا يبنى ضمير الفرد وينشأ معه نشأة تدفعه إلى التمييز بين الحلال والحرام، بدون حاجة إلى طقوس معينة أو تعاليم محددة تفرض عليه من خارج إرادته. لهذا كان الإسلام في بنائه للفرد متفقا مع فطرة الله التي فطر الناس عليها، ما إن يلتزم به الإنسان، ويتمسك بأركانه، ويتبع خطواته، ويهجر ما يخالفه، حتى يشعر وكأن هذه الأشياء متلازمة مع تكوينه، ملتصقة بوجوده وكيانه، لا يحس أدائها بتعب ولا عناء، ولا يشعر في القيام بها بتكليف أو إرهاق، وإنما هي التي تسيطر على وجدانه أو يسيطر وجدانه عليها. فيقبل على الخير في قناعة،

<<  <   >  >>