مشكلات الفكر متعددة الجوانب: فهناك الفكر المادي، والفكر الروحي. والفكر الذي يجمع بين الأمرين معا. وقد عاشت الأمم قبل الرسالات السماوية في إطار الفكر المادي وحده، تتنازعها الأهواء والرغبات المتعلقة بحياتها المعيشية. وحتى عصرنا هذا توجد أمم تحيا على هذا الفكر؛ ولأنه فكر يتعلق بجانب واحد من جوانب الوجود، أرسل الله الرسل بتعاليم ومبادئ تنتشل الإنسان من هذه الهوة المادية التي تجعله عبدا لترابية الأرض لا سيدا لها، فعرف الفكر الروحي، وسلك الناس فيه مسالك تنوعت واختلفت باختلاف العصور والأفراد. فوجد المغالون والمعتدلون، حتى جاء الإسلام منظما للفكر الإنساني تنظيما يجعله متوازنا بين الروحية والمادية.
والدين في حقيقته نزعة فطرية في الإنسان من يوم خلق الله الدنيا وهو أنجح الوسائل لتهذيب الفكر، وجعله فكرا ينشد الغايات الإنسانية العليا بعيدا عن الاضطراب والفوضى، فهو الذي يستغل الميل الفطري في الإنسان في غرس الخلق الكريم في نفسه، وتوجيه سلوكه وجهة الخير، وقد أخذت الأمم الناضجة منذ أقدم الأزمنة أديانا لها تعتمد على تعاليمها في حياتها الخلقية والاجتماعية؛ لأن الدين يدعو إلى صيانة الأمم. وجاء الإسلام خاتما للأديان كلها، فكان أعلاها في كل شيء. فلا عصبية في الإسلام، ولكن رابطة أخوية تجمع بين بني الإنسان، وتوجههم إلى وجهة واحدة، هو الإيمان بخالق